الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ؛ أي: بينت؛ أأعجمي وعربي ؛ وتقرأ: " أأعجمي " ؛ بهمزتين؛ و " أعجمي " ؛ بهمزة واحدة؛ وبهمزة بعدها مخففة؛ تشبه الألف؛ ولا يجوز أن يكون ألفا خالصة؛ لأن بعدها العين؛ وهي ساكنة؛ وتقرأ: " أعجمي وعربي " ؛ بهمزة واحدة؛ وفتح العين؛ وقرأ الحسن: " أعجمي " ؛ بهمزة وسكون العين؛ والذي جاء في التفسير أن المعنى: " ولو جعلناه قرآنا أعجميا؛ لقالوا: لولا - هلا - بينت آياته؛ أقرآن أعجمي ونبي عربي؟! " ؛ فمن قرأ: " آعجمي " ؛ فهمزة وألف؛ فإنه منسوب إلى اللسان الأعجم؛ تقول: " هذا رجل أعجمي " ؛ إذا كان لا يفصح؛ إن كان من العجم؛ أو من العرب؛ وتقول: " هذا رجل عجمي " ؛ إذا كان من الأعاجم؛ فصيحا كان أم غير فصيح؛ ومثل ذلك: " هذا رجل أعرابي " ؛ إذا كان من أهل البادية؛ وكان جنسه من العرب؛ أو من غير العرب؛ والأجود في القرآن: " آعجمي " ؛ بهمزة وألف؛ على جهة النسبة إلى الأعجم؛ ألا ترى قوله: ولو جعلناه قرآنا أعجميا ؛ ولم يقرأ أحد: " عجميا " ؛ فأما قراءة الحسن - أعني: " أعجمي " ؛ بإسكان العين - لا على معنى الاستفهام؛ ولكن على معنى " هلا بينت آياته " ؛ فجعل بعضه بيانا للعجم؛ وبعضه بيانا للعرب؛ وكل هذه الأوجه الأربعة سائغ في العربية؛ وعلى ذلك تفسيره. [ ص: 390 ] وقوله - عز وجل -: قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ؛ يعني القرآن؛ والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر ؛ أي: هم في ترك القبول بمنزلة من في أذنه صمم؛ وهو عليهم عمى ؛ ويقرأ: " وهو عليهم عم " ؛ بكسر الميم؛ والتنوين؛ ويجوز: " وهو عليهم عمي " ؛ بإثبات الياء وفتحها؛ ولا يجوز إسكان الياء؛ وترك التنوين؛ أولئك ينادون من مكان بعيد ؛ يعني من قسوة قلوبهم يبعد عنهم ما يتلى عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية