الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          باب العين والفاء وما يثلثهما

                                                          ( عفق ) العين والفاء والقاف أصل صحيح ، يدل على مجيء وذهاب ، وربما يدل على صوت من الأصوات . قال الخليل : عفق الرجل يعفق عفقا ، إذا ركب رأسه فمضى . تقول : لا يزال يعفق العفقة ثم يرجع ، أي يغيب الغيبة . والإبل تعفق عفقا وعفوقا ، إذا أرسلت في مراعيها فمرت على وجوهها . وربما عفقت عن المرعى إلى الماء ، ترجع إليه بين كل يومين . وكل وارد وصادر عافق; وكل راجع مختلف عافق . و قال ابن الأعرابي في قوله :


                                                          حتى تردى أربع في المنعفق



                                                          [ ص: 54 ] قال : أراد في المنصرف عن الماء . قال : ويقال : عفق بنو فلان [ بني فلان ] ، أي رجعوا إليهم . وأنشد :


                                                          عفقا ومن يرعى الحموض يعفق



                                                          والمعنى أن من يرعى الحموض تعطش ماشيته سريعا فلا يجد بدا من أن يعفق ، أي يرجع بسرعة .

                                                          ومن الباب : عفقه عن حاجته ، أي رده وصرفه عنها . ومنه التعفق ، وهو التصرف والأخذ في كل وجه مشيا لا يستقيم ، كالحية .

                                                          قال أبو عمرو : العفق : سرعة رجع أيدي الإبل وأرجلها . قال :


                                                          يعفقن بالأرجل عفقا صلبا



                                                          قال أبو عمرو : وهو يعفق الغنم ، أي يردها عن وجوهها . ورجل معفاق الزيارة لا يزال يجيء ويذهب . ويذكر عن بعض العرب أنه قال : " أنتلي فيها تأويلات ثم أعفق " ، أي أقضي بقايا من حوائجي ثم أنصرف .

                                                          قال ابن الأعرابي : تعفق بالشيء ، إذا رجع إليه مرة بعد أخرى . وأنشد :


                                                          تعفق بالأرظى لها وأرادها     رجال فبذت نبلها وكليب



                                                          [ ص: 55 ] ومن الباب : قولهم للحلب عفاق . وتلخيص هذا الكلام أن يحلبها كل ساعة . يقال عفقت ناقتك يومك أجمع في الحلب . وقال ذو الخرق :


                                                          عليك الشاء شاء بني تميم     فعافقه فإنك ذو عفاق



                                                          ومن الباب : عفقت الريح التراب ، إذا ضربته وفرقته . قال سويد :


                                                          وإن تك نار فهي نار بملتقى     من الريح تمريها وتعفقها عفقا



                                                          وأما الذي ذكرناه من الصوت فيقولون : عفق بها ، إذا أنبق بها وحصم .

                                                          ومما يقرب من هذا الباب العفق ضرب بالعصا ، والضراب ، وكأن ذلك تصويت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية