الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب الملامسة والمنابذة

                                                                                                          حدثنا يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان وعن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة قال مالك والملامسة أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره ولا يتبين ما فيه أو يبتاعه ليلا ولا يعلم ما فيه والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه على غير تأمل منهما ويقول كل واحد منهما هذا بهذا فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة قال مالك والملامسة أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره ولا يتبين ما فيه أو يبتاعه ليلا ولا يعلم ما فيه والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه على غير تأمل منهما ويقول كل واحد منهما هذا بهذا فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة قال مالك في الساج المدرج في جرابه أو الثوب القبطي المدرج في طيه إنه لا يجوز بيعهما حتى ينشرا وينظر إلى ما في أجوافهما وذلك أن بيعهما من بيع الغرر وهو من الملامسة قال مالك وبيع الأعدال على البرنامج مخالف لبيع الساج في جرابه والثوب في طيه وما أشبه ذلك فرق بين ذلك الأمر المعمول به ومعرفة ذلك في صدور الناس وما مضى من عمل الماضين فيه وأنه لم يزل من بيوع الناس الجائزة والتجارة بينهم التي لا يرون بها بأسا لأن بيع الأعدال على البرنامج على غير نشر لا يراد به الغرر وليس يشبه الملامسة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          35 - باب الملامسة والمنابذة

                                                                                                          1371 1355 - ( مالك عن محمد بن يحيى بن حبان ) بفتح المهملة والموحدة الثقيلة ( وعن [ ص: 472 ] أبي الزناد ) عبد الله بن ذكوان كلاهما ( عن الأعرج ) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ) بيع ( الملامسة ) مفاعلة من اللمس ( و ) عن ( المنابذة ) بضم الميم وذال معجمة ( قال مالك : والملامسة أن يلمس ) بضم الميم وكسرها من بابي نصر وضرب أي يمس ( الرجل الثوب ) بيده ( ولا ينشره ) يفرده ( ولا يتبين ) يظهر له ( ما فيه أو يبتاعه ليلا ولا يعلم ما فيه ، والمنابذة أن ينبذ ) بكسر الباء يطرح ( الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ إليه الآخر ثوبه على غير تأمل منهما ) بنظر ولا تقليب ( ويقول كل واحد منهما هذا بهذا ) على الإلزام من غير نظر ولا تراض بل بما فعلاه من منابذة أو ملامسة ( فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة ) فلو جعلاه على أنه بالخيار إذا زال الظلام ونشر الثوب فإن رضيه أمسكه جاز كما قال عياض وغيره وهو المسمى بالبيع على خيار الرؤية ونص على جوازه الإمام في المدونة وفي الباجي فإن لم يمنعه البائع من تقليبه وقنع المشتري بلمسه بيع ملامسة ولا يمنع صحته اهـ .

                                                                                                          وتفسير مالك في الصحيحين عن أبي سعيد قال : " نهى صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة في البيع " والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه إلا بذلك ، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه ويكون ذلك بيعهما عن غير نظر ولا تراض .

                                                                                                          ولمسلم عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة : " نهي عن الملامسة والمنابذة " أما الملامسة : فأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل ، والمنابذة : أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه ، وهذا التفسير أقعد بلفظ الملامسة والمنابذة لأنهما مفاعلة فتستدعي وجود الفعل من الجانبين ، وظاهره أنه مرفوع لكن للنسائي ما يشعر بأنه كلام من دونه صلى الله عليه وسلم ولفظه ، وزعم أن الملامسة أن يقول الرجل للرجل : أبيعك ثوبي بثوبك ولا ينظر واحد منهما إلى ثوب الآخر ولكن يلمسه لمسا ، والمنابذة أن يقول : أنبذ ما معي وتنبذ ما معك ليشتري كل واحد منهما من الآخر ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر ونحو ذلك ، فالأقرب أنه من الصحابي لأنه يبعد أن يعبر عنه صلى الله عليه وسلم بلفظ زعم ، وقيل : المنابذة نبذ الحصاة والصحيح أنها غيره .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : تفسير [ ص: 473 ] مالك وتفسير غيره قريب من السواء ، وكان بيع الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة بيوعا في الجاهلية فنهى صلى الله عليه وسلم عنها قال : والحصاة أن تكون ثياب مبسوطة فيقول المبتاع للبائع : أي ثوب من هذه وقعت عليه الحصاة التي أرمي بها فهو لي بكذا فيقول البائع : نعم ، فهذا وما كان مثله غرر وقمار وهذا الحديث رواه البخاري عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به بدون تفسيره .

                                                                                                          ( قال مالك في الساج ) بمهملة وجيم الطيلسان الأخضر أو الأسود ( المدرج في جرابه ) بكسر الجيم ولا تفتح أو فتحها لغة فيما حكاه عياض وغيره المزود أو الوعاء ( أو الثوب القبطي ) بضم القاف ثياب تنسب إلى القبط بالكسر نصارى مصر على غير قياس وقد تكسر القاف في النسبة على القياس ( المدرج في طيه أنه لا يجوز بيعهما حتى ينشر أو ينظر إلى ما في أجوافهما ) أي ما لم يظهر منهما حالة الطي تشبيها بجوف الحيوان ( وذلك أن بيعهما من بيع الغرر وهو من الملامسة ) المنهي عنها فيمنع اتفاقا ، فإن عرف طوله وعرضه ونظر إلى شيء منه واشترى على ذلك جاز فإن خالف كان له القيام كالعيب .

                                                                                                          ( وبيع الأعدال على البرنامج ) بفتح الباء وكسر الميم وبكسرهما .

                                                                                                          وقال الفاكهاني : رويناه بفتح الميم ، ولم يذكر عياض غير الكسر معرب برنامه بالفارسية معناه الورقة المكتوب فيها ما في العدل ( مخالف لبيع الساج في جرابه والثوب في طيه وما أشبه ذلك ، فرق بين ذلك الأمر ) في الحكم ( المعمول به ومعرفة ذلك في صدور الناس ) أي متقدميهم ( وما مضى من عمل الماضين فيه وإنه لم يزل ) أي استمر ( من بيوع الناس الجائزة والتجارة بينهم التي لا يرون بها بأسا ) شدة لأنها جائزة ( لأن بيع الأعدال على البرنامج على غير نشر لا يراد به الغرر وليس يشبه الملامسة ) لكثرة ثياب الأعدال وعظم المئونة في فتحها ونشرها ، والفرق أن بيع البرنامج بيع على صفة والساج في الجراب والقبطي المطوي بيع على غير صفة ولا رؤية قاله ابن حبيب .




                                                                                                          الخدمات العلمية