الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( باب ) ( تعتد حرة )

                                                                                                                            ش : قال ابن عرفة : دليل براءة الرحم عدة ، واستبراء العدة مدة منع النكاح لفسخه أو موت الزوج أو طلاقه فيدخل مدة منع من طلق رابعة نكاح غيرها إن قيل هو له عدة ، وإن أريد إخراجه قيل مدة منع المرأة النكاح إلى آخره ، وفي مسائل استبرائها إطلاق لفظه عليها مجازا ، وفيها التصريح بأن مدة منعه للفسخ عدة ، وقولها إن علم بعد ، وفاته فساد نكاحه ، وأنه لا يقر بحال فلا إحداد عليها ، ولا عدة ، وعليها ثلاث حيض استبراء معناه لا عدة وفاة ، وأطلق الاستبراء على عدة مدة الفسخ مجازا ; لأنه خير من الاشتراك انتهى كلامه .

                                                                                                                            ( قلت ) الذي يظهر أن في حده للعدة دور ; لأن معرفة مدة منع النكاح متوقفة على معرفة العدة فإنه قد تقدم أن من موانع النكاح كون المرأة معتدة إذا توقفت معرفة كونها معتدة على معرفة كونها ممنوعة من النكاح فقد جاء الدور فتأمله فالأولى أن تعرف العدة بأنها المدة التي جعلت دليلا على براءة الرحم لفسخ النكاح أو لموت الزوج أو طلاقه ، وقد قال ابن عرفة في حد الاستبراء : أنه مدة دليل براءة الرحم لا لرفع عصمة أو طلاق فتأمله ، وأما تسمية مدة منع الزوج من النكاح إذا طلق الرابعة أو طلق أخت زوجه أو من يحرم الجمع بينهما عدة فلا [ ص: 141 ] شك أنه مجاز فلا ينبغي إدخاله في حقيقة العدة الشرعية ، والله أعلم .

                                                                                                                            فإن قيل يخرج من هذا الحد عدة الصغيرة التي لا يوطأ مثلها من الوفاة لتيقن براءة رحمها ، وكذلك من علم أن الزوج لم يدخل بها ، فالجواب أن عدة الوفاة إنما شرعت فيمن علم أن الزوج لم يدخل بها احتياطا لبراءة الرحم ; لأنه لو ظهر بها حمل ، وادعاه الزوج لحق به فالعدة واجبة لتيقن براءة الرحم ، وهذه العلة ظاهرة فيمن يوطأ مثلها ، ولكن لما لم يكن في قدر من يوطأ مثلها حد يرجع إليه من الكتاب والسنة حمل الباب محملا واحدا فوجبت العدة على من كانت في المهد حسما للباب فعلم أن أصل وجوب العدة إنما هو للدلالة على براءة الرحم ، ولا يضر عدم وجود العلة في بعض الصور ، فتأمله ، والله أعلم ( تنبيه ) قال ابن عبد السلام : ويجب الاعتناء بالعدة ; لأن الله سبحانه أكد ذلك بقوله { وأحصوا العدة } على خلاف بين المفسرين : من المخاطب بذلك هل الحكام أو المطلقون ؟ وهو الأظهر أو المطلقات ؟ واختار بعضهم أن الأمر بالإحصاء يتناول الجميع ; لأن لكل واحد منهم تعلقا بذلك انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية