nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=29004_29468تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما أعقب الجزاء العاجل الذي أنبأ عنه قوله ( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ) بذكر جزاء آجل وهو ظهور أثر الأعمال التي عملوها في الدنيا وأثر الجزاء الذي عجل لهم عليها من الله في كرامتهم يوم يلقون ربهم .
[ ص: 51 ] فالجملة تكملة للتي قبلها لإفادة أن صلاة الله وملائكته واقعة في الحياة الدنيا وفي الدار الآخرة .
والتحية : الكلام الذي يخاطب به عند ابتداء الملاقاة إعرابا عن السرور باللقاء من دعاء ونحوه . وهذا الاسم في الأصل مصدر حياه ، إذا قال له : أحياك الله ، أي أطال حياتك . فسمى به الكلام المعرب عن ابتغاء الخير للملاقى أو الثناء عليه ؛ لأنه غلب أن يقولوا : أحياك الله عند ابتداء الملاقاة فأطلق اسمها على كل دعاء وثناء يقال عند الملاقاة . وتحية الإسلام : سلام عليك أو السلام عليكم ، دعاء بالسلامة والأمن ، أي من المكروه لأن السلامة أحسن ما يبتغى في الحياة . فإذا أحياه الله ولم يسلمه كانت الحياة ألما وشرا ، ولذلك كانت تحية المؤمنين يوم القيامة السلام بشارة بالسلامة مما يشاهده الناس من الأهوال المنتظرة . وكذلك تحية أهل الجنة فيما بينهم تلذذا باسم ما هم فيه من السلامة من أهوال أهل النار ، وتقدم في قوله وتحيتهم فيها سلام في سورة يونس .
وإضافة التحية إلى ضمير المؤمنين من إضافة اسم المصدر إلى مفعوله ، أي تحية يحيون بها .
ولقاء الله : الحضور من حضرة قدسه للحساب في المحشر . وتقدم تفصيل الكلام عليها عند قوله تعالى واعلموا أنكم ملاقوه في سورة البقرة . وهذا اللقاء عام لجميع الناس كما قال تعالى فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه فميز الله المؤمنين يومئذ بالتحية كرامة لهم .
وجملة وأعد لهم أجرا كريما حال من ضمير الجلالة ، أي يحييهم يوم يلقونه وقد أعد لهم أجرا كريما . والمعنى : ومن رحمته بهم أن بدأهم بما فيه بشارة بالسلامة وقد أعد لهم أجرا كريما إتماما لرحمته بهم .
والأجر : الثواب . والكريم : النفيس في نوعه ، وقد تقدم عند قوله تعالى إني ألقي إلي كتاب كريم في سورة النمل . والأجر الكريم : نعيم الجنة .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=29004_29468تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا أَعْقَبَ الْجَزَاءَ الْعَاجِلَ الَّذِي أَنْبَأَ عَنْهُ قَوْلُهُ ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ ) بِذِكْرِ جَزَاءٍ آجِلٍ وَهُوَ ظُهُورُ أَثَرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا وَأَثَرِ الْجَزَاءِ الَّذِي عَجَّلَ لَهُمْ عَلَيْهَا مِنَ اللَّهِ فِي كَرَامَتِهِمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَ رَبَّهُمْ .
[ ص: 51 ] فَالْجُمْلَةُ تَكْمِلَةٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا لِإِفَادَةِ أَنَّ صَلَاةَ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَاقِعَةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الدَّارِ الْآخِرَةِ .
وَالتَّحِيَّةُ : الْكَلَامُ الَّذِي يُخَاطَبُ بِهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْمُلَاقَاةِ إِعْرَابًا عَنِ السُّرُورِ بِاللِّقَاءِ مِنْ دُعَاءٍ وَنَحْوِهِ . وَهَذَا الِاسْمُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ حَيَّاهُ ، إِذَا قَالَ لَهُ : أَحْيَاكَ اللَّهُ ، أَيْ أَطَالَ حَيَاتَكَ . فَسَمَّى بِهِ الْكَلَامَ الْمُعْرِبَ عَنِ ابْتِغَاءِ الْخَيْرِ لِلْمُلَاقَى أَوِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ غَلَبَ أَنْ يَقُولُوا : أَحْيَاكَ اللَّهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْمُلَاقَاةِ فَأَطْلَقَ اسْمَهَا عَلَى كُلِّ دُعَاءٍ وَثَنَاءٍ يُقَالُ عِنْدَ الْمُلَاقَاةِ . وَتَحِيَّةُ الْإِسْلَامِ : سَلَامٌ عَلَيْكَ أَوِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، دُعَاءٌ بِالسَّلَامَةِ وَالْأَمْنِ ، أَيْ مِنَ الْمَكْرُوهِ لِأَنَّ السَّلَامَةَ أَحْسَنُ مَا يُبْتَغَى فِي الْحَيَاةِ . فَإِذَا أَحْيَاهُ اللَّهُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ كَانَتِ الْحَيَاةُ أَلَمًا وَشَرًّا ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ تَحِيَّةُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ السَّلَامَ بِشَارَةً بِالسَّلَامَةِ مِمَّا يُشَاهِدُهُ النَّاسُ مِنَ الْأَهْوَالِ الْمُنْتَظَرَةِ . وَكَذَلِكَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ تَلَذُّذًا بِاسْمِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ السَّلَامَةِ مِنْ أَهْوَالِ أَهْلِ النَّارِ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ فِي سُورَةِ يُونُسَ .
وَإِضَافَةُ التَّحِيَّةِ إِلَى ضَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ إِضَافَةِ اسْمِ الْمَصْدَرِ إِلَى مَفْعُولِهِ ، أَيْ تَحِيَّةٌ يَحْيَوْنَ بِهَا .
وَلِقَاءُ اللَّهِ : الْحُضُورُ مِنْ حَضْرَةِ قُدْسِهِ لِلْحِسَابِ فِي الْمَحْشَرِ . وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ . وَهَذَا اللِّقَاءُ عَامٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ فَمَيَّزَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَئِذٍ بِالتَّحِيَّةِ كَرَامَةً لَهُمْ .
وَجُمْلَةُ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ ، أَيْ يُحَيِّيهِمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا . وَالْمَعْنَى : وَمِنْ رَحْمَتِهِ بِهِمْ أَنْ بَدَأَهُمْ بِمَا فِيهِ بِشَارَةٌ بِالسَّلَامَةِ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا إِتْمَامًا لِرَحْمَتِهِ بِهِمْ .
وَالْأَجْرُ : الثَّوَابُ . وَالْكَرِيمُ : النَّفِيسُ فِي نَوْعِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ فِي سُورَةِ النَّمْلِ . وَالْأَجْرُ الْكَرِيمُ : نَعَيْمُ الْجَنَّةِ .