الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1412 [ ص: 193 ] 33 - كتاب المساقاة [ ص: 194 ] [ ص: 195 ] ( 1 ) باب ما جاء في المساقاة

                                                                                                                        1376 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود خيبر ، يوم افتتح خيبر : " أقركم فيها ما أقركم الله - عز وجل - على أن الثمر بيننا وبينكم " قال ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه وبينهم . ثم يقول : إن شئتم فلكم ، وإن شئتم فلي . فكانوا يأخذونه .

                                                                                                                        [ ص: 196 ] 1377 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر ، فيخرص بينه وبين يهود خيبر . قال ، فجمعوا له حليا من حلي نسائهم ، فقالوا له : هذا لك ، وخفف عنا ، وتجاوز في القسم . فقال عبد الله بن رواحة : يا معشر اليهود ! والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت ، وإنا لا نأكلها . فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        31007 - قال أبو عمر : هكذا روى مالك في حديثه ; " عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب " ، مرسلا ، وتابعه معمر ، وأكثر أصحاب ابن شهاب على إرساله ، وقد وصلته منهم طائفة منهم : صالح بن أبي الأخضر ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح خيبر دعا اليهود فقال : " نعطيكم الثمر على أن تعملوها أقركم ما أقركم الله " ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرصها عليهم ، ثم يخيرهم ، أيأخذون بخرصه ، أم يتركون .

                                                                                                                        [ ص: 197 ] 31008 - واختلف العلماء في افتتاح خيبر : هل كان عنوة أو صلحا ، أو خلا أهلها عنها بغير قتال ، فحدثني عبد الله بن محمد قال : حدثني محمد بن بكر ، قال : حدثني أبو داود ، قال : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، وزياد بن أيوب ، قالا حدثني إسماعيل بن إبراهيم ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خيبر ، فأصبناها عنوة .

                                                                                                                        31009 - فاحتج بهذا من جعل فتح خيبر عنوة ، واحتجوا أيضا برواية معمر ، عن ابن شهاب في هذا الحديث ، فقال : خمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر ، ولم يكن له ، ولا لأصحابه عمال يعملونها ، ويزرعونها فدعا يهود خيبر ، وكانوا قد أخرجوا منها ، فدفع إليهم على أن يعملوها على النصف يؤدونه إلى النبي [ ص: 198 ] - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وقال لهم : " أقركم على ذلك ما أقركم الله " ، وذكر تمام الخبر .

                                                                                                                        31010 - قالوا : ولا يخمس إلا ما كان أخذ عنوة ، وأوجف المسلمون عليه بالخيل والرجل .

                                                                                                                        31010 م - وقال آخرون : كانت خيبر حصونا كثيرة ، فمنها ما أخذ عنوة بالقتال ، والغلبة ، ومنها ما صالح عليه أهلها ، ومنها ما أسلمه أهله للرعب ، والخوف بغير قتال طلبا لحقن دمائهم .

                                                                                                                        31011 - وروى ابن وهب ، عن مالك ، عن ابن شهاب أن خيبر كان بعضها عنوة ، وبعضها صلحا .

                                                                                                                        31012 - قال : و " الكتيبة " أكثرها عنوة ، ومنها صلح .

                                                                                                                        31013 - قال ابن وهب : قلت لمالك : وما الكتيبة ؟ قال : من أرض خيبر ، وهي أربعون ألف عذق .

                                                                                                                        31014 - قال مالك : وكتب المهدي أمير المؤمنين أن تقسم " الكتيبة " مع صدقات النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهم يقسمونها في الأغنياء ، والفقراء .

                                                                                                                        [ ص: 199 ] 31015 - وقيل لمالك : أفترى ذلك للأغنياء ; قال : لا ، ولكن أرى أن تفرق على الفقراء .

                                                                                                                        31016 - وقال موسى بن عقبة : كان مما أفاء الله على المسلمين من خيبر نصفها ، فكان النصف لله ولرسوله ، والنصف الآخر للمسلمين ، فكان الذي لله ولرسوله النصف ، وهي الكتيبة ، والوطيحة ، وسلالم ، ووخدة ، وكان النصف الثاني للمسلمين : نطاة ، والشق .

                                                                                                                        31017 - قال أبو عمر : قد ذكرنا في " التمهيد " في باب ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب من الآثار المرفوعة ، وغيرها في فتح خيبر ، وكيف كانت قسمتها ما فيه كفاية .

                                                                                                                        [ ص: 200 ] [ ص: 201 ] 31018 - ولم يختلف أهل العلم في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم نصفها ، وإنما اختلفوا في قسمة جميعها ، وذكرنا هناك اختلاف العلماء في قسمة الأرضين ، وفي توقيفها .

                                                                                                                        31019 - واختصار ذلك أن مالكا وأصحابه كانوا يرون أن كل بلدة تفتح عنوة ، فإن أرضها موقوفة ، حكمها حكم التي لكل من حضرها ومن لم يحضرها ومن يأتي من المسلمين بعد إلى يوم القيامة على ما صنع عمر - رضي الله عنه - بأرض سواد العراق ، وأرض مصر ، والشام جعلها موقوفة مادة للمسلمين أهل ذلك المصر ، ومن يجيء بعدهم .

                                                                                                                        31020 - واحتج عمر - رضي الله عنه - في ذلك بالآية في سورة الحشر : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى . . . . . ) الآية إلى قوله : ( والذين جاءوا من بعدهم ) [ الحشر : 7 - 10 ] .

                                                                                                                        31021 - وقال : ما أحد إلا وله في هذا المال حق حتى الراعي ، وكان يفرض للمنفوس والعبد .

                                                                                                                        31022 - وروى مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر ، قال : [ ص: 202 ] لولا آخر الناس ما افتتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر .

                                                                                                                        رواه ابن مهدي ، وغيره ، عن مالك .

                                                                                                                        31023 - وكان فعل عمر في توقيف الأرض بمحضر من الصحابة من غير نكير ، فدل ذلك على أن معنى قول الله - عز وجل - : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ) [ الأنفال : 41 ] فيما عدا الأرضين ، وإن الأرض لا تدخل في عموم هذا اللفظ .

                                                                                                                        31024 - واستدل من ذهب إلى هذا بأن الغنائم التي أحلت للمسلمين ، ولم تحل لأحد قبلهم ، إنما كانت ما تأكله النار .

                                                                                                                        31025 - وذكر إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثني يحيى بن عبد الحميد ، قال : حدثني أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لم تحل الغنائم لقوم سود الرءوس قبلكم ، كانت تنزل نار من السماء ، فتأكلها " ، وذكر تمام الخبر .

                                                                                                                        31026 - وروى معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " غزا نبي من الأنبياء ، فقال : لا ينبغي أحد ملك بضع امرأة ، وهو يريد [ ص: 203 ] أن يبني بها " ، وذكر الحديث ، وفيه : أنه غزا قرية ، فدنا منها بعد العقد ، فقال للشمس : إنك مأمورة ، وأنا مأمور ، اللهم احبسها علينا ، فحبست حتى فتح الله عليه ، فجمع الغنائم ، فجاءت النار لتأكلها ، فلم تطعمها ، فقال : إن فيكم غلولا فليبايعني من كل قبيلة رجل ; فبايعوه ، فلصقت يد رجل بيده فقال : فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك ، فبايعته ، قال : فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة ، فقال : فيكم الغلول أنتم غللتم فجاءوا برأس بقرة من ذهب ، فوضعوها ، فجاءت النار ، فأكلتها ، ثم أحل الله لنا الغنائم ; لما رأى من عجزنا ، وضعفنا أحلها لنا .

                                                                                                                        31027 - رواه عبد الرزاق ، وهشام بن يوسف ، وابن المبارك ، ومحمد بن ثور عن معمر بمعنى واحد .

                                                                                                                        31028 - ومما روي : أن هارون - عليه السلام - أمر بني إسرائيل أن يحرقوا ما كان بأيديهم من متاع فرعون ، فجمعوه ، وأحرقوه ، فألقى السامري فيه القبضة التي كانت في يده من أثر الرسول ، يقال : من أثر جبريل - عليه السلام - فصارت عجلا له خوار .

                                                                                                                        [ ص: 204 ] 31029 - ومعلوم أن الأرض لم تجر هذا المجرى . . . إلى أشياء أخرى احتجوا بها ، ليس فيها بيان قاطع أحسنها حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام مديها ودينارها . . " . ومنعت هاهنا بمعنى ستمنع .

                                                                                                                        31030 - قالوا : وهو ما ضربه عمر على كل جديب من الأرضين المفتتحة ، وعلى ما ذهب إليه مالك في توقيف الأرضين جماعة الكوفيين ، إلا أنهم قالوا : إن الإمام مخير في الأرض إن شاء قسمها وأهلها بين الغانمين كسائر الغنيمة كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خيبر ، وإن شاء أقر أهلها عليها ، وجعل عليهم الخراج ، وتكون ملكا لهم ، يجوز بيعهم لها كسائر ما يملكون .

                                                                                                                        31031 - وأما مالك ، فلا يرى الإمام مخيرا في ذلك ، وأرض العنوة عنده غير [ ص: 205 ] مملوكة ، وإنما المملوكة عنده أرض الصلح التي صالح عليها أهلها .

                                                                                                                        31032 - وقد شرحنا هذه المعاني في " التمهيد " .

                                                                                                                        31033 - وكان الشافعي ، وأصحابه يذهبون إلى أن الإمام يقسم الأرض في كل ما افتتح عنوة ، كما يقسم سائر الغنائم وأن أربعة أخماسها مملوكة للموجفين عليها بالخيل ، والركاب ، ومن حضر القتال ، والفتح من مقاتل ومكتر بالغ حر .

                                                                                                                        31034 - وإنما الخمس عنده المقسوم على ما نص الله تعالى في كتابه في سورة الأنفال .

                                                                                                                        31035 - وقد ذكرنا معاني الخمس ، واختلاف أهل العلم في كتاب الجهاد ، وإنما ذكرنا هاهنا طرفا من أحكام الأرضين المفتتحات عنوة ; لما جرى من فتح خيبر ، واختلف العلماء في ذلك .

                                                                                                                        31036 - وحجة الشافعي فيما ذهب إليه . من هذا الباب عموم قول الله - عز وجل - : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه . . . ) الآية [ الأنفال : 41 ] يعني والأربعة الأخماس للغانمين ، فملكهم كل ما غنموا من أرض ، مع ما روي في خيبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسمها بين أهل الحديبية الذين وعدهم [ ص: 206 ] الله تعالى بها ، وهم الذين افتتحوها .

                                                                                                                        31037 - وأما قوله في حديث مالك في هذا الباب : " أقركم ما أقركم الله " ، فالمعنى في ذلك - والله أعلم - أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكره أن يكون بأرض العرب غير المسلمين ، وكان يحب ألا يكون فيها دينان ، كنحو محبته في استقبال الكعبة حتى نزلت : قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها الآية [ البقرة : 144 ] .

                                                                                                                        31038 - وكان لا يتقدم في شيء إلا بوحي ، وكان يرجو أن يحقق الله رغبته في إبعاد اليهود عن جواره ، فذكر ليهود خيبر ما ذكر منتظرا للقضاء فيهم ، فلم يوح إليه في ذلك شيء حتى حضرته الوفاة ، فأتاه الوحي في ذلك ، فقال : " لا يبقين دينان بأرض العرب " . وأوصى بذلك .

                                                                                                                        31039 - والشواهد بما ذكرنا كثيرة جدا منها : ما ذكره معمر ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : دفع خيبر إلى اليهود على أن يعملوا فيها ، [ ص: 207 ] ولهم شطرها ، قال : فمضى على ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأبو بكر وصدرا من خلافة عمر ، ثم أخبر عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في وجعه الذي مات فيه : " لا يجتمع دينان بأرض الحجاز أو قال : بأرض العرب ففحص عنه حتى وجد الثبت عليه ، فقال : من كان عنده عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فليأت به ، وإلا ، فإني مجليكم ، فأجلاهم عمر .

                                                                                                                        31040 - وقد ذكرنا كثيرا من الآثار بهذا المعنى في " التمهيد " ، والحمد لله .

                                                                                                                        31041 - وليس في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لليهود : " أقركم الله " دليل على أن المساقاة تجوز إلى أجل مجهول ، أو إلى غير أجل ; لأن في قوله : أقركم ما أقركم الله دليلا واضحا على أن ذلك خصوص ; لأنه كان ينتظر في ذلك القضاء من ربه ، وليس كذلك غيره .

                                                                                                                        31042 - وقد أحكمت الشريعة معاني الإجارات ، وسائر المعاملات .

                                                                                                                        31043 - وجمهور العلماء بالمدينة وغيرها المجيزون للمساقاة ، لا تجوز عندهم إلا إلى سنين معلومة ، أو أعوام معدودة إلا أنهم يكرهونها فيما طال من السنين .

                                                                                                                        31044 - وقد قيل : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم : " أقركم ما أقركم الله " ، وكان يخرص عليهم ; لأن الله - عز وجل - كان قد أفاء عليه ، وعلى من معه خيبر [ ص: 208 ] بمن فيها ، فكانوا له عبيدا ، كما قال ابن شهاب ، أفاءها الله ، وأهلها عليهم ، فأقرهم فيها صلى الله عليه وسلم ليعملوها على الشطر .

                                                                                                                        31045 - ومعلوم أنه جائز بين السيد وعبده في البيع ، وغيره ما لا يجوز بين الأجنبيين ; لأن العبد لسيده أخذ ما بيده من المال عند الجميع ، لا يختلف في ذلك من يراه يملك ، ومن يقول : أنه لا يجوز أن يملك .

                                                                                                                        31046 - وأما الخرص في المساقاة ، فإن ذلك غير جائز عند جمهور العلماء ; لأن المتساقيين شريكان ، فلا يقتسمان الثمرة إلا بما يجوز من بيع الثمار بعضها ببعض ، وبما لم يدخله المزابنة ; لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها .

                                                                                                                        31047 - ومن قال هذا قال : إنما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث إلى يهود خيبر من يخرص الثمار عليهم عند طيبها لإحصاء الزكاة ; لأن المساكين ليسوا شركاء متعينين ، والشركاء اليهود ، ولو تركوا ، وأكل الثمر رطبا ، والتصرف فيه بالعطية ، أضر ذلك بالمسلمين ، وبسهم المساكين فخرصت عليهم لذلك .

                                                                                                                        31048 - وأهل الأموال أمناء في ذلك مع ما وصفنا من قولهم : إن اليهود كانوا عبيدا للمسلمين ، والله أعلم .

                                                                                                                        31049 - وسنذكر اختلاف قول مالك ، وأصحابه في قسمة الثمار بين [ ص: 209 ] الشركاء في رؤوس الشجر عند اختلاف أغراضهم في ذلك في موضعه ، ونذكر من خالفهم في ذلك ، ومن تابعه عليه إن شاء الله - عز وجل - .

                                                                                                                        31050 - وقد اختلف العلماء قديما في جواز المزارعة ، والمساقاة :

                                                                                                                        31051 - فقال مالك : المساقاة جائزة ، والمزارعة لا تجوز .

                                                                                                                        31052 - وهو قول الليث بن سعد في رواية .

                                                                                                                        31053 - وقول الشافعي في المزارعة عندهم إعطاء الأرض بالثلث ، أو الربع ، أو جزء مما تخرج الأرض .

                                                                                                                        31054 - إلا أن مالكا أجاز من المزارعة في الأرض البيضاء ما كان من النخل ، والشجر إذا كان تبعا لثمن الشجر ، وذلك أن تكون الأرض بين النخل الثلث ، والنخل الثلثين ، ويكون ما تخرج الأرض للعامل ، أو بينهما .

                                                                                                                        31055 - وقال أبو حنيفة ، وزفر : لا تجوز المزارعة ، ولا المساقاة بوجه من الوجوه ، وادعوا أن المساقاة منسوخة بالنهي عن المزابنة ، وأن المزارعة منسوخة بالنهي عن الإجارة المجهولة ، وكراء الأرض ببعض ما تخرج ، ونحو هذا .

                                                                                                                        31056 - وقال ابن أبي ليلى ، والثوري ، وأبو يوسف ، ومحمد : تجوز المساقاة ، والمزارعة جميعا .

                                                                                                                        [ ص: 210 ] 31057 - وهو قول الأوزاعي ، والحسن بن حي ، وأحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                        31058 - وحجتهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساقى يهود خيبر على شرط ما تخرج الأرض والثمرة .

                                                                                                                        31059 - وسيأتي القول فيما يجوز به كراء الأرض في باب كراء الأرض ، إن شاء الله - عز وجل - .

                                                                                                                        31060 - واختلفوا فيما تجوز فيه المساقاة .

                                                                                                                        31061 - فقال مالك : تجوز المساقاة في كل أصل ثابت يبقى : نحو النخل والرمان والتين والفرسك والعنب والورد والياسمين والزيتون وما كان مثل ذلك مما له أصل يبقى .

                                                                                                                        31062 - وهو قول أبي ثور .

                                                                                                                        31063 - قال مالك : ولا تجوز المساقاة في كل ما يجنى ، ثم يخلف نحو القصب ، والموز ، والبقول ; لأن بيع ذلك جائز ، وبيع ما يجنى بعده .




                                                                                                                        الخدمات العلمية