الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 423 ] باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله للناس لما أمرهم بترك تأبير النخل ، ففعلوا ذلك فشيص ما قاله لهم عند ذلك .

1720 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ويحيى بن حماد ، قالا : حدثنا أبو عوانة ، عن سماك بن حرب ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه رضي الله عنه ، قال : { كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بقوم في رؤوس النخل ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قلت : يلقحونه يجعلون الذكر في الأنثى ، قال : ما أظن ذلك يغني شيئا فتركوه فشيص فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن كان ينفعهم فليفعلوه ، فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن ، ولكن إذا حدثتكم ، عن الله شيئا فخذوه ، فإني لن أكذب على الله } .

[ ص: 424 ]

1721 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ، قال : حدثنا سماك ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه ، فذكر مثله غير أنه لم يقل : ولا تؤاخذوني بالظن ، وقال مكانه : والظن يخطئ ويصيب .

1722 - وحدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا محمد بن كثير العبدي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس وهشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قوم في رؤوس النخل ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قالوا : يؤبرون النخل ، قال : لو تركوه لصلح ، فتركوه فشيص ، فقال : ما كان من أمر دنياكم فأنتم أعلم بأمر دنياكم وما كان من أمر دينكم فإلي } .

[ ص: 425 ]

1723 - حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا عياش بن الوليد الرقام ، قال : حدثنا محمد بن الفضيل ، قال : حدثنا مجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : { أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يلقحون ، فقال : ما للناس ؟ فقالوا : يلقحون يا رسول الله ، قال : لا لقاح أو ما أرى اللقاح شيئا ، فتركوا اللقاح فجاء تمر الناس شيصا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما له ، ما أنا بصاحب زرع ولا نخل لقحوا } .

قال قائل : فيما رويتم اضطراب شديد فمن ذلك ما في حديث طلحة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ما أظن ذاك يغني شيئا . وفي حديثي عائشة وأنس ، أنه قال : لو تركوه لصلح .

وفي حديث جابر لا لقاح ، أو: ما [ ص: 426 ] أرى اللقاح شيئا ، فما وجه ذلك .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أنه قد يحتمل أن يكون الذي كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، أن الإناث في غير بني آدم لا تأخذ من الذكران شيئا ، وهو الذي يغلب على القلوب ولم يكن ذلك منه صلى الله عليه وسلم إخبارا ، عن وحي ، وإنما كان منه على قول غير معقول ظاهر مما يتساوى فيه الناس في القول ، ثم يختلفون فيتبين ذوو العلم به عمن سواهم من غير أهل العلم به ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان يعاني ذلك ولا من بلد يعانيه أهله ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما بلده مكة ، ولم تكن دار نخل يومئذ ، وإنما كان النخل فيما سواها من المدينة التي صار إليها صلى الله عليه وسلم ، وكان مع أهلها من معاناة النخل والعمل ما يصلحها ما ليس مثله مع أهل مكة وكان القول في الأمر الذي ، قال : فيه ما ، قال : واسعا له أن يقول فيه وأن يكون ذلك القول منه على ما نفى ما يستحيل عنده ويكون منه على الظن به ، فقال : صلى الله عليه وسلم ما حكاه عنه طلحة لبعض من رآه يعاني اللقاح ، ثم قال : ما حكته عنه عائشة وأنس في قوم آخرين ، ممن رآهم يعانون التلقيح ، وقال : ما في حديث جابر لقوم آخرين ، وأنهم يعانون التلقيح فحكى كل من سمعه صلى الله عليه وسلم يقول : شيئا مما سمعه يقوله ، وكلهم صادق فيما حكاه عنه ، وكل أقواله التي قالها صلى الله عليه وسلم مما حكاه عنه هؤلاء القوم كما قال ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية