الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
حدثني يحيى عن مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن nindex.php?page=showalam&ids=96أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال nindex.php?page=hadith&LINKID=708393استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل من الصدقة قال nindex.php?page=showalam&ids=96أبو رافع فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضي الرجل بكره فقلت لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=30485_18513_5535أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء
[ ص: 497 ]
[ ص: 497 ] 43 - باب nindex.php?page=treesubj&link=22814_4973ما يجوز من السلف
- 1384 1365 ( مالك عن زيد بن أسلم ) العدوي مولى عمر المدني العالم الثقة المتوفى سنة ست وثلاثين ومائة ( عن عطاء بن يسار عن أبي رافع ) أسلم أو إبراهيم أو ثابت أو هرمز أو سنان أو صالح أو يسار أو عبد الرحمن أو يزيد أو قزمان ، أقوال عشرة .
قال ابن عبد البر : أشهر ما قيل في اسمه أسلم القبطي ( مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أسلم قبل بدر ولم يشهدها ، وشهد أحدا وما بعدها ، وقيل كان مولى العباس فوهبه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأعتقه ، وروى عنه أحاديث ومات في أول خلافة علي على الصحيح .
( أنه قال : استسلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) قال الأبي : السين في استسلف للطلب ، وقد تكون للتحقيق ، وهي هنا كذلك ؛ لأنه إخبار عن ماض ( بكرا ) بفتح الموحدة وسكون الكاف ، وهو الفتي من الإبل كالغلام من الذكور ، والقلوص الفتية من النوق كالجارية من الإناث ، وفيه جواز nindex.php?page=treesubj&link=22814_5517_18510أخذ الدين للضرورة ، وقد كان يكرهه - صلى الله عليه وسلم - ، وإلا فقد خير فاختار nindex.php?page=treesubj&link=29497التقليل من الدنيا والقناعة ، قاله في الإكمال وفي المفهم .
فإن قيل : كيف عمر ذمته بالدين وقد كان يكرهه ، وقال في حديث : " إياكم والدين فإنه شين " وفي آخر : " فإنه هم بالليل ومذلة بالنهار " وكان كثيرا ما يتعوذ منه حتى قيل : ما أكثر ما تستعيذ من المغرم فقال : إن الرجل إذا غرم حدث فكذب .
أجيب بأنه إنما تداين لضرورة ولا خلاف في جوازه لها .
فإن قيل : لا ضرورة لأن الله خيره أن تكون بطحاء مكة له ذهبا رواه الترمذي ، ومن هو كذلك فأين الضرورة ؟ أجيب بأنه لما خيره اختار الإقلال من الدنيا والقناعة ، وما عدل عنه زهدا فيه لا يرجع إليه فالضرورة لازمة ، وأيضا فالدين إنما هو مذموم لتلك اللوازم المذكورة وهو معصوم منها وقد يجب ، وإن كان لغير ضرورة كره للأحاديث المذكورة ، ولما فيه من تعريض النفس للمذلة .
وأما السلف بالنسبة إلى معطيه فمستحب ؛ لأنه من الإعانة على الخير .
وأخرج البزار عن ابن مسعود : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353784قرض مرتين يعدل صدقة مرتين " وفي حديث آخر : " درهم الصدقة بعشرة ، ودرهم القرض بسبعين " .
( فجاءته إبل من الصدقة ) أي الزكاة ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353786قال أبو رافع : فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقضي الرجل بكره ) أي بكرا مثل بكره الذي تسلفه منه ، ولم يسم ذلك الرجل . وفي مسند أحمد أنه أعرابي .
وفي أوسط [ ص: 498 ] الطبراني عن العرباض ما يفهم أنه هو ، لكن في النسائي والحاكم ما يقتضي أنه غيره ، فكأن القصة وقعت لأعرابي ووقع نحوها للعرباض .
( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353787فقلت : لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا ) بتخفيف الياء ، والأنثى رباعية وهو ما دخل في السنة السابعة .
قال الهروي : إذا ألقى البعير رباعيته في السنة السابعة فهو رباعي ، ورباعيات الأسنان الأربعة التي تلي الثنايا من جانبها .
( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353788فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أعطه ) بهمزة قطع وكسر الطاء ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353789إياه فإن nindex.php?page=treesubj&link=24490_18508خيار الناس أحسنهم قضاء ) للدين ، قال البوني : أظنه أراد أن الله يوفق لهذا خيار الناس اهـ .
قال بعض العارفين : وهو الكرم الخفي اللاحق بصدقة السر ، فإن المعطى له لا يشعر بأنه صدقة سر في علانية ، ويورث ذلك صحبة وودادا في نفس المقضي له وتخفى نعمتك عليه في ذلك ، في nindex.php?page=treesubj&link=24490_18508حسن القضاء فوائد جمة .
قال الباجي : ولا يشكل الحديث بأن الصدقة لا تحل له - صلى الله عليه وسلم - فكيف يقضي منها ؟ إما لأن هذا قبل تحريمها عليه كما قيل ، وإما لأنها بلغت محلها للفقراء ونحوهم ، ثم صارت له - صلى الله عليه وسلم - بشراء أو غيره ، وإما لأن استقراضه إنما كان لواحد من أهل الصدقة وكان من الغارمين ، فيكون فضل الشيء صدقة عليه ، فلا يقال : كيف قضى من إبل الصدقة أجود مما يستحقه الغريم مع أنه لا يجوز لناظر الصدقات تبرعه منها .
وعن أبي هريرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353790أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه فأغلظ له ، فهم به بعض أصحابه فقال - صلى الله عليه وسلم - : دعوه فإن لصاحب الحق مقالا ، ثم قال : أعطوه سنا مثل سنه ، قالوا : يا رسول الله لا نجد إلا أمثل من سنه ، قال : اشتروه فأعطوه إياه ، فإن خيركم أحسنكم قضاء " فيحتمل أن ذلك كله قضية واحدة ، فحفظ أبو رافع أن أصله من إبل الصدقة ، وحفظ أبو هريرة الشراء ، اهـ ملخصا .
وحديث أبي هريرة في الصحيحين واللفظ لمسلم ، وفيه جواز nindex.php?page=treesubj&link=23895قرض الحيوان ، ولا خلاف بين الكافة فيه ، ومنعه الكوفيون والحديث يرد عليهم ، ولا يصح دعوى النسخ بلا دليل ويأتي له مزيد ، والحديث رواه مسلم من طريق ابن وهب عن مالك به ، وتابعه محمد بن جعفر عن زيد بمثله أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10353791فإن خير عباد الله أحسنهم قضاء كما في مسلم أيضا ، ورواه أصحاب السنن أيضا .