الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          باب العين واللام وما يثلثهما

                                                          ( علم ) العين واللام والميم أصل صحيح واحد ، يدل على أثر بالشيء يتميز به عن غيره .

                                                          من ذلك العلامة ، وهي معروفة . يقال : علمت على الشيء علامة . ويقال : أعلم الفارس ، إذا كانت له علامة في الحرب . وخرج فلان معلما بكذا . والعلم : الراية ، والجمع أعلام . والعلم : الجبل ، وكل شيء يكون معلما : خلاف المجهل . وجمع العلم أعلام أيضا . قالت الخنساء :


                                                          وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار



                                                          والعلم : الشق في الشفة العليا ، والرجل أعلم . والقياس واحد ، لأنه كالعلامة [ ص: 110 ] بالإنسان . والعلام فيما يقال : الحناء; وذلك أنه إذا خضب به فذلك كالعلامة . والعلم : نقيض الجهل ، وقياسه قياس العلم والعلامة ، والدليل على أنهما من قياس واحد قراءة بعض القراء : " وإنه لعلم للساعة " ، قالوا : يراد به نزول عيسى - عليه السلام - ، وإن بذلك يعلم قرب الساعة . وتعلمت الشيء ، إذا أخذت علمه . والعرب تقول : تعلم أنه كان كذا ، بمعنى اعلم . قال قيس بن زهير :


                                                          تعلم أن خير الناس حيا     على جفر الهباءة لا يريم



                                                          والباب كله قياس واحد .

                                                          ومن الباب العالمون ، وذلك أن كل جنس من الخلق فهو في نفسه معلم وعلم . وقال قوم : العالم سمي لاجتماعه . قال الله - تعالى : والحمد لله رب العالمين ، قالوا : الخلائق أجمعون . وأنشدوا :


                                                          ما إن رأيت ولا سمع     ت بمثلهم في العالمينا



                                                          وقال في العالم :


                                                          فخندف هامة هذا العالم



                                                          [ ص: 111 ] والذي قاله القائل في أن في ذلك ما يدل على الجمع والاجتماع فليس ببعيد ، وذلك أنهم يسمون العيلم ، فيقال إنه البحر ، ويقال إنه البئر الكثيرة الماء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية