الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        فصل في التخارج .

                                                                                                        قال : ( وإذا كانت الشركة بين ورثة فأخرجوا أحدهم منها بمال أعطوه [ ص: 217 ] إياه والتركة عقار أو عروض جاز قليلا كان ما أعطوه إياه أو كثيرا ) ; لأنه أمكن تصحيحه بيعا ، وفيه أثر عثمان رضي الله عنه فإنه صالح تماضر الأشجعية امرأة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عن ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار .

                                                                                                        قال : ( وإن كانت التركة فضة فأعطوه ذهبا أو كان ذهبا فأعطوه فضة فهو كذلك ) ; لأنه بيع الجنس بخلاف الجنس فلا يعتبر التساوي ، ويعتبر التقابض في المجلس ; لأنه صرف غير أن الذي في يده بقية التركة إن كان جاحدا يكتفى بذلك القبض ; لأنه قبض ضمان فينوب عن قبض الصلح ( وإن كان مقرا لا بد من تجديد القبض ) ; لأنه قبض أمانة فلا ينوب عن قبض الصلح ( وإن كانت التركة ذهبا وفضة وغير ذلك فصالحوه على ذهب أو فضة فلا بد أن يكون ما أعطوه أكثر من نصيبه من ذلك الجنس حتى يكون نصيبه بمثله والزيادة بحقه من بقية التركة ) احترازا عن الربا ، ولا بد من التقابض فيما يقابل نصيبه من الذهب والفضة ; لأنه صرف في هذا القدر ، ولو كان بدل الصلح عرضا جاز مطلقا لعدم الربا ، ولو كان في التركة دراهم ودنانير وبدل الصلح دراهم ودنانير أيضا جاز الصلح كيفما كان صرفا للجنس إلى خلاف الجنس كما في البيع لكن يشترط التقابض للصرف .

                                                                                                        قال : ( وإن كان في التركة دين على الناس فأدخلوه في الصلح على أن يخرجوا المصالح عنه ويكون الدين لهم فالصلح باطل ) ; لأن فيه تمليك الدين من غير من عليه وهو حصة المصالح ( وإن شرطوا أن يبرأ الغرماء منه ولا يرجع [ ص: 218 ] عليهم بنصيب المصالح فالصلح جائز ) ; لأنه إسقاط ، وهو تمليك الدين ممن عليه الدين وهو جائز وهذه حيلة الجواز ، وأخرى أن يعجلوا قضاء نصيبه متبرعين وفي الوجهين ضرر لبقية الورثة . والأوجه أن يقرضوا المصالح مقدار نصيبه ويصالحوا عما وراء الدين ، ويحيلهم على استيفاء نصيبه من الغرماء ولو لم يكن في التركة دين وأعيانها غير معلومة . والصلح على المكيل والموزون ، قيل لا يجوز لاحتمال الربا ، وقيل يجوز ; لأنه شبهة الشبهة ، ولو كانت التركة غير المكيل والموزون لكنها أعيان غير معلومة ، قيل لا يجوز لكونه بيعا إذ المصالح [ ص: 219 ] عنه عين . والأصلح أنه يجوز ; لأنها لا تفضي إلى المنازعة لقيام المصالح عنه في يد البقية من الورثة ، وإن كان على الميت دين مستغرق لا يجوز الصلح ولا القسمة ; لأن التركة لم يتملكها الوارث وإن لم يكن مستغرقا لا ينبغي أن يصالحوا ما لم يقضوا دينه فتقدم حاجة الميت ولو فعلوا قالوا يجوز ، وذكر الكرخي رحمه الله في القسمة أنها لا تجوز استحسانا وتجوز قياسا .

                                                                                                        [ ص: 209 - 216 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 209 - 216 ] فصل

                                                                                                        قوله : روي أن عثمان رضي الله عنه صالح تماضر الأشجعية امرأة عبد الرحمن بن عوف على ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار ; قلت : غريب بهذا اللفظ ، وروى عبد الرزاق في " مصنفه في البيوع " أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار ، أن امرأة [ ص: 217 ] عبد الرحمن بن عوف أخرجها أهله من ثلث الثمن بثلاثة وثمانين ألف درهم انتهى .

                                                                                                        وفي " الطبقات " لابن سعد في " ترجمة عبد الرحمن بن عوف أخبرنا الواقدي حدثني سعيد بن مسلم بن قماذين عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر ، قال : { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف في سبعمائة إلى دومة الجندل في شعبان سنة ست من [ ص: 218 ] الهجرة ، فدعاهم إلى الإسلام ، فأبوا ثلاثا ، ثم أسلم رأسهم الأصبغ بن عمرو الكلبي ، فبعث عبد الرحمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فكتب إليه أن تزوج تماضر بنت الأصبغ ، فتزوجها ، ورجع بها }وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن لم تلد له غيره انتهى أخبرنا عارم بن الفضل ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد أن عبد الرحمن بن عوف توفي ، وكان فيما ترك ذهب قطع بالفؤوس ، حتى مجلت منه أيدي الرجال ، وترك أربع نسوة ، فأخرجت منهن امرأة من ثمنها بثمانين ألفا انتهى . أخبرنا الواقدي ثنا أسامة بن زيد الليثي عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، قال : أصاب تماضر بنت الأصبغ ربع الثمن ، فأخرجت بمائة ألف ، وهي إحدى الأربع انتهى .

                                                                                                        أخبرنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا كامل أبو العلاء سمعت أبا صالح قال : مات عبد الرحمن بن عوف ، وترك ثلاث نسوة ، فأصاب كل واحدة مما ترك ثمانون ألفا ، ثمانون ألفا انتهى .

                                                                                                        أخبرنا يزيد بن هارون ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده ، قال : كان في تماضر سوء خلق ، وكانت على تطليقتين ، فلما مرض عبد الرحمن طلقها الثالثة ، فورثها عثمان رضي الله عنهم نه بعد انقضاء العدة انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية