الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما هدد المكذبين، بإهلاك الأولين، الذين كانوا أقوى منهم وأكثر، وقدم قصة موسى عليه السلام لمناسبة الكتاب في نفسه أولا; وفي تنجيمه ثانيا، أتبعه أول الأمم، لأنهم أول، ولما في عذابهم من الهول، ولمناسبة ما بينه وبين عذاب القبط، فقال: وقوم أي ودمرنا قوم نوح لما كذبوا الرسل بتكذيبهم نوحا ; لأن من كذب واحدا من الأنبياء بالفعل فقد كذب الكل بالقوة، لأن [ ص: 386 ] المعجزات هي البرهان على صدقهم، وهي متساوية الأقدام في كونها خوارق، لا يقدر على معارضتها، فالتكذيب بشيء منها تكذيب بالجميع لأنه لا فرق، ولأنهم كذبوا من مضى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيما سمعوه من أخبارهم، ولأنهم عللوا تكذيبهم بأنه من البشر فلزمهم تكذيب كل رسول من البشر.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان كأنه قيل: بأي شيء دمروا؟ قال: أغرقناهم كما أغرقنا آل فرعون بأعظم مما أغرقناهم وجعلناهم أي قوم نوح في ذلك للناس آية أي علامة على قدرتنا على ما نريد من إحداث الماء وغيره وإعدامه والتصرف في ذلك بكل ما نشاء، وإنجاء من نريد بما أهلكنا به عدوه وأعتدنا أي هيأنا تهيئة قريبة جدا وأحضرنا على وجه ضخم شديد تام التقدير; وكان الأصل: لهم، ولكنه أظهر تعميما وتعليقا للحكم بالوصف فقال: للظالمين أي كلهم في أي زمان كانوا، لأجل ظلمهم بوضعهم الأشياء في غير مواضعها عذابا أليما لاسيما في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية