الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا

                                                                                                                                                                                                                                      بل كذبوا بالساعة إضراب عن توبيخهم بحكاية جناياتهم السابقة ، وانتقال منه إلى توبيخهم بحكاية جناياتهم الأخرى للتخلص إلى بيان ما لهم في الآخرة بسببها من فنون العذاب بقوله تعالى : وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا إلخ أي : أعتدنا لهم نارا عظيمة شديدة الاشتعال شأنها كيت وكيت بسبب تكذيبهم بها على ما يشعر به وضع الموصول موضع ضميرهم ، أو لكل من كذب بها كائنا من كان وهم داخلون في زمرتهم دخولا أوليا . ووضع الساعة موضع ضميرها للمبالغة في التشنيع ومدار إعناد السعير لهم وإن لم يكن مجرد تكذيبهم بالساعة بل مع تكذيبهم بسائر ما جاء به الشريعة الشريفة ، لكن الساعة لما كانت هي العلة القريبة لدخولهم السعير أشير إلى سببية تكذيبها لدخولها ، وقيل : هو عطف على وقالوامال هذا .." إلخ على معنى : بل أتوا بأعجب من ذلك حيث كذبوا بالساعة وأنكروها ، والحال أنا قد اعتدنا لكل من كذب بها سعيرا ، فإن جراءتهم على التكذيب بها وعدم خوفهم مما أعد لمن كذب بها من أنواع العذاب أعجب من القول السابق . وقيل : هو متصل بما قبله من الجواب المبني على التحقيق المنبئ عن الوعد بالجنات في الآخرة ، مسوق لبيان أن ذلك لا يجدي نفعا ولا يحلى بطائل على طريقة قول من قال :


                                                                                                                                                                                                                                      عوجوا لنعم فحيوا دمنة الدار ... ماذا تحيون من نؤي وأحجار



                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى : أنهم لا يؤمنون بالساعة فكيف يقتنعون بهذا الجواب وكيف يصدقون بتعجيل [ ص: 206 ] مثل ما وعدك في الآخرة ، وقيل : المعنى : بل كذبوا بها فقصرت أنظارهم على الحظوظ الدنيوية وظنوا أن الكرامة ليست إلا بالمال وجعلوا فقرك ذريعة إلى تكذيبك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية