الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              403 (باب منه) وذكره النووي في الباب المتقدم

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 165 -167 ج3 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال: كان أبو موسى يشدد في البول ويبول في قارورة ويقول: إن بني إسرائيل كان إذا أصاب جلد أحدهم بول قرضه بالمقاريض، فقال حذيفة لوددت أن صاحبكم لا يشدد هذا التشديد فلقد رأيتني أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتماشى فأتى سباطة خلف حائط، فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه، فأشار إلي فجئت فقمت عند عقبه حتى فرغ

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              عن أبي وائل قال: كان أبو موسى يشدد في البول، ويبول في قارورة، ويقول: إن بني إسرائيل كان إذا أصاب جلد أحدهم بول قرضه بالمقاريض، فقال حذيفة: لوددت أن صاحبكم لا يشدد هذا [ ص: 506 ] التشديد. فلقد رأيتني أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتماشى فأتى سباطة.

                                                                                                                              بضم السين وتخفيف الباء هي "ملقى القمامة والتراب"، ونحوهما تكون بفناء الدور مرفقا لأهلها.

                                                                                                                              قال الخطابي: ويكون ذلك في الغالب سهلا منثالا، يحد فيه البول، ولا يرتد على البائل.

                                                                                                                              "خلف حائط، فقام كما يقوم أحدكم فبال".

                                                                                                                              مقصود حذيفة: أن هذا التشديد خلاف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائما، ولا شك في كون القائم معرضا للرشيش، ولم يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الاحتمال، ولم يتكلف البول في القارورة، كما فعل أبو موسى.

                                                                                                                              "فانتبذت منه؛ فأشار إلي، فجئت فقمت عند عقبه. حتى فرغ".

                                                                                                                              "وفي بوله قائما" أوجه حكاها الخطابي والبيهقي، وغيرهما من الأئمة.

                                                                                                                              "منها"، أنه كان به صلى الله عليه وسلم وجع الصلب إذ ذاك.

                                                                                                                              وقيل: لعله "بمأبضه"، وهو باطن الركبة.

                                                                                                                              وقيل: لم يجد مكانا للقعود، فاضطر إلى القيام.

                                                                                                                              وقيل: بال قائما، لكونها حالة يؤمن فيها خروج الحدث من السبيل الآخر، في الغالب.

                                                                                                                              ولذلك قال عمر: "البول قائما أحصن للدبر".

                                                                                                                              [ ص: 507 ] وقيل: فعله للجواز في هذه المرة. وكانت عادته المستمرة يبول قاعدا. وهذا أصح الوجوه إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                              وقد روي في النهي عن البول قائما، أحاديث لا تثبت، إلا حديث عائشة عند أحمد، والترمذي والنسائي: "من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائما فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعدا".

                                                                                                                              وفي حديث الباب أنواع من الفوائد:

                                                                                                                              "منها" جواز البول قائما، وجواز قرب الإنسان من البائل، وجواز طلب البائل من صاحبه الذي يدل عليه القرب منه ليستره.

                                                                                                                              "وفيه" استحباب الستر.

                                                                                                                              "وفيه" جواز البول بقرب الديار.

                                                                                                                              "زاد في رواية": "فتوضأ، فمسح على خفيه"، وفي هذا إثبات المسح على الخفين في الحضر.

                                                                                                                              وفي أخرى عن المغيرة عند مسلم "فصلى".

                                                                                                                              وفي أخرى "ثم صلى بنا".




                                                                                                                              الخدمات العلمية