الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين أخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد بن حميد ، وابن المنذر من طريق شمر [ ص: 293 ] ابن عطية أن ابن عباس سأل كعب الأحبار عن قوله : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال : إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها فيهبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها فيدخل بها تحت سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى سجين وهو خد إبليس فيخرج لها من تحت خد إبليس كتاب فيختم ويوضع تحت خد إبليس لهلاكه للحساب فذلك قوله تعالى : وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم وقوله : كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين قال : إن روح المؤمن إذا قبضت عرج بها إلى السماء فتنفتح لها أبواب السماء وتلقاه الملائكة بالبشرى حتى ينتهي بها إلى العرش وتعرج الملائكة فيخرج لها من تحت العرش رق فيرقم ويختم ويوضع تحت العرش لمعرفة النجاة للحساب يوم القيامة ويشهد الملائكة المقربون فذلك قوله : وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال : قد رقم الله على الفجار ما هم عاملون في سجين فهو أسفل والفجار منتهون إلى ما قد رقم الله عليهم ورقم على الأبرار ما هم عاملون في عليين وهم [ ص: 294 ] فوق فهم منتهون إلى ما قد رقم الله عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : سجين أسفل الأرضين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الفلق جب في جهنم مغطى وأما سجين فمفتوح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال : عملهم في الأرض السابعة لا يصعد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال : تحت الأرض السفلى فيها أرواح الكفار وأعمالهم أعمال السوء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ في العظمة والمحاملي في أماليه عن مجاهد قال : سجين صخرة تحت الأرض السابعة في جهنم تقلب فيجعل كتاب الفاجر تحتها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن فرقد كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال : الأرض السابعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن مغيث كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال : تحت الأرض السفلى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة كلا إن كتاب الفجار [ ص: 295 ] لفي سجين قال : هو أسفل الأرض السابعة كتاب مرقوم قال : مكتوب، قال قتادة : ذكر لنا أن عبد الله بن عمرو كان يقول : الأرض السفلى فيها أرواح الكفار وأعمالهم السوء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سجين الأرض السابعة السفلى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : لفي سجين قال : بلغني أن " سجين " الأرض السفلى وفي قوله : مرقوم قال : مكتوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن قتادة كتاب مرقوم قال : رقم لهم بشر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن عكرمة لفي سجين قال : لفي خسار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله قال : حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملك يرفع العمل للعبد يرى أن في يديه منه سرورا حتى ينتهي إلى الميقات الذي وصف الله له فيضع العمل فيه فيناديه الجبار من فوقه ارم بما معك في سجين وسجين الأرض السابعة، فيقول الملك : ما رفعت إليك إلا حقا [ ص: 296 ] فيقول : صدقت ارم بما معك في سجين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن ماجه والطبراني والبيهقي في البعث عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : لما حضرت كعبا الوفاة أتته أم بشر بنت البراء فقالت : إن لقيت ابني فاقرؤه مني السلام فقال : غفر الله لك يا أم بشر نحن أشغل من ذلك فقالت : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن نسمة المؤمن تسرح في الجنة حيث شاءت وإن نسمة الكافر في سجين قال : بلى قالت : فهو ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المبارك عن سعيد بن المسيب قال : التقى سلمان وعبد الله بن سلام فقال أحدهما لصاحبه : إن مت قبلي فالقني فأخبرني بما صنع بك ربك وإن أنا مت قبلك لقيتك فأخبرتك، فقال عبد الله : كيف هذا؟ أويكون هذا؟ قال : نعم إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت ونفس الكافر في سجين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية