الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت إزالته شيئا فشيئا بعد مدة كذلك من العظمة بمكان. قال منبها على فضل مدخول "ثم" وترتبه متصاعدا في درج الفضل، فما هنا أفضل مما قبله، وما قبله أجل مما تقدمه، تشبيها لتباعد ما بين المراتب الثلاث في الفضل بتباعد ما بين الحوادث في الوقت: ثم قبضناه أي الظل، والقبض: جمع المنبسط إلينا أي إلى الجهة التي نريدها، لا يقدر أحد غيرنا أن يحوله إلى جهة غيرها; قال الرازي رحمه الله في اللوامع: وهذه الإضافة لأن غاية قصر الظل عند غاية تعالي الشمس، والعلو موضع الملائكة وجهة السماء التي فيها أرزاق العباد، ومنها نزول الغيث والغياث، وإليها ترتفع أيدي الراغبين، وتشخص أبصار الخائفين - انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      قبضا يسيرا أي هو - مع كونه في القلة بحيث يعسر إدراكه حق الإدراك - سهل علينا، ولم نزل ننقصه شيئا فشيئا حتى اضمحل كله، أو إلا يسيرا، ثم مددناه أيضا بسير الشمس وحجبها ببساط الأرض قليلا قليلا، أولا فأولا بالجبال والأبنية والأشجار، ثم بالروابي والآكام والظراب وما دون ذلك، حتى تكامل كما كان، وفي تقديره هكذا من المنافع ما لا يحصى، ولو قبض لتعطلت [ ص: 399 ] أكثر منافع الناس بالظل والشمس جميعا، فالحاصل أنه يجعل بواطنهم مظلمة بحجبها عن أنوار المعارف فيصيرون كالماشي في الظلام، ويكون نفوذهم في الأمور الدنيوية كالماشي بالليل في طرق قد عرفها ودربها بالتكرار، وحديث علي رضي الله عنه في الروح الذي مضى عند والطيبات للطيبين في النور شاهد حسي لهذا الأمر المعنوي - والله الموفق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية