الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ تفسير ذاك وذلك ]

                                                          تفسير ذاك وذلك : التهذيب : قال أبو الهيثم : إذا بعد المشار إليه من المخاطب وكان المخاطب بعيدا ممن يشير إليه زادوا كافا فقالوا ذاك أخوك ، وهذه الكاف ليست في موضع خفض ولا نصب ، إنما أشبهت كاف قولك أخاك وعصاك ، فتوهم السامعون أن قول القائل ذاك أخوك كأنها في موضع خفض لإشباهها كاف أخاك ، وليس ذلك كذلك ، إنما تلك كاف ضمت إلى ذا لبعد ذا من المخاطب ، فلما دخل فيها هذا اللبس زادوا فيها لاما فقالوا : ذلك أخوك ، وفي الجماعة أولئك إخوتك ، فإن اللام إذا دخلت ذهبت بمعنى الإضافة ، ويقال : هذا أخوك وهذا أخ لك وهذا لك أخ ، فإذا أدخلت اللام فلا إضافة .

                                                          قال أبو الهيثم : وقد أعلمتك أن الرفع والنصب والخفض في قوله ذا سواء ، تقول : مررت بذا ، ورأيت ذا ، وقام ذا ، فلا يكون فيها علامة رفع الإعراب ولا خفضه ولا نصبه لأنه غير متمكن ، فلما ثنوا زادوا في التثنية نونا وأبقوا الألف فقالوا : ذان أخواك وذانك أخواك .

                                                          قال الله تعالى : فذانك برهانان من ربك ؛ ومن العرب من يشدد هذه النون فيقول ذانك أخواك ، قال : وهم الذين يزيدون اللام في ذلك فيقولون ذلك ، فجعلوا هذه التشديدة بدل اللام ؛ وأنشد المبرد في باب ذا الذي قد مر آنفا :


                                                          أمن زينب ذي النار قبيل الصبح ما تخبو     إذا ما خمدت يلقى
                                                          عليها المندل الرطب



                                                          قال أبو العباس : ذي معناه ذه .

                                                          يقال : ذا عبد الله ، وذي أمة الله ، وذه أمة الله ، وته أمة الله ، وتا أمة الله ، قال : ويقال : هذي هند ، وهاته هند ، وهاتا هند ، على زيادة ها التنبيه ، قال : وإذا صغرت ذه قلت تيا تصغير ته أو تا ، ولا تصغر ذه على لفظها لأنك إذا صغرت ذا قلت ذيا ، ولو صغرت ذه لقلت ذيا فالتبس بالمذكر ، فصغروا ما يخالف فيه المؤنث المذكر .

                                                          قال : والمبهمات يخالف تصغيرها تصغير سائر الأسماء .

                                                          وقال الأخفش في قوله تعالى : فذانك برهانان من ربك قال : وقرأ بعضهم ( فذانك برهانان ) ، قال : وهم الذين قالوا ذلك أدخلوا التثقيل للتأكيد كما أدخلوا اللام في ذلك .

                                                          وقال الفراء : شددوا هذه النون ليفرق بينها وبين النون التي تسقط للإضافة لأن هذان وهاتان لا تضافان .

                                                          وقال الكسائي : هي من لغة من قال هذا آ قال ذلك ، فزادوا على الألف ألفا كما زادوا على النون نونا ليفصل بينهما وبين الأسماء المتمكنة .

                                                          وقال الفراء : اجتمع القراء على تخفيف النون من ذانك وكثير من العرب فيقول فذانك قائمان وهذان قائمان واللذان قالا [ ص: 9 ] ذلك .

                                                          وقال أبو إسحاق : فذانك تثنية ذاك وذانك تثنية ذلك ، يكون بدل اللام في ذلك تشديد النون في ذانك .

                                                          وقال أبو إسحاق : الاسم من ذلك ذا والكاف زيدت للمخاطبة فلا حظ لها في الإعراب .

                                                          قال سيبويه : لو كان لها حظ في الإعراب لقلت ذلك نفسك زيد ، وهذا خطأ .

                                                          ولا يجوز إلا ذلك نفسه زيد ، وكذلك ذانك يشهد أن الكاف لا موضع لها ولو كان لها موضع لكان جرا بالإضافة ، والنون لا تدخل مع الإضافة واللام زيدت مع ذلك للتوكيد .

                                                          تقول : ذلك الحق وهذاك الحق ، ويقبح هذالك الحق لأن اللام قد أكدت مع الإشارة وكسرت لالتقاء الساكنين ، أعني الألف من ذا ، واللام التي بعدها كان ينبغي أن تكون اللام ساكنة ولكنها كسرت لما قلنا ، والله أعلم . ‏

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية