الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ ص: 348 ] 28 - كتاب التفليس.

                                                                                                                                                                    [ 2884 / 1 ] قال إسحاق بن راهويه : أبنا عبد الرزاق، أبنا معمر، عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: "كان معاذ بن جبل رجلا سمحا شابا جميلا من أفضل شباب قومه، وكان لا يمسك شيئا، فلم يزل يدان حتى أغلق ماله كله في الدين، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب إليه أن يسأل غرماءه أن يضعوا ماله فأبوا، فلو تركوا لأحد من أجل أحد لتركوا لمعاذ من أجل النبي صلى الله عليه وسلم فباع النبي صلى الله عليه وسلم ماله كله في دينه حتى قام معاذ بغير شيء، حتى إذا كان فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على طائفة من أهل اليمن أميرا ليجبره، فمكث معاذ باليمن أميرا وكان أول من اتجر في مال الله هو، فمكث حتى أصاب وحتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدم قال عمر لأبي بكر: أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه، وخذ سائره، فقال أبو بكر: إنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليجبره ولست آخذا منه شيئا إلا أن يعطيني.

                                                                                                                                                                    فانطلق عمر إليه إذ لم يطعه أبو بكر، فذكر ذلك عمر لمعاذ، فقال معاذ: إنما أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم ليجبرني ولست بفاعل، ثم لقي معاذ عمر فقال: قد أطعتك وأنا فاعل ما أمرتني، إني رأيت في المنام أني في (حومة) ماء، وقد خشيت الغرق، فخلصتني منه يا عمر.

                                                                                                                                                                    فأتى معاذ أبا بكر فذكر ذلك له، وحلف أنه لم يكتمه شيئا حتى بين له سوطه، فقال أبو بكر: والله لا آخذه منك وقد وهبته لك، فقال عمر: هذا حين طاب وحل، فخرج معاذ عند ذلك إلى الشام".


                                                                                                                                                                    [ 2884 / 2 ] رواه الحارث بن محمد بن أبي أسامة : ثنا إسحاق بن عيسى الطباع، ثنا عبد الله بن المبارك، أخبرني معمر، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك قال: "كان معاذ بن جبل شابا سمحا أفضل فتيان قومه، فلم يزل حتى أغرق ماله في الدين، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم غرماءه، فلو ترك أحد من أجل أحد لترك معاذ بن جبل من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فقبض معاذ ولا مال له". [ ص: 349 ]

                                                                                                                                                                    [ 2884 / 3 ] ورواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ : ثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الإمام، أبنا الحسن بن علي بن زياد، ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: "كان معاذ بن جبل شابا حليما سمحا من أفضل شباب قومه، ولم يكن يمسك شيئا، فلم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلم غرماءه، فلو تركوا أحدا من أجل أحد لتركوا معاذا من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فباع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله حتى قام معاذ بغير شيء".

                                                                                                                                                                    [ 2884 / 4 ] رواه البيهقي في سننه عن الحاكم به.

                                                                                                                                                                    هكذا رواه هشام بن يوسف، عن معمر، وخالفه عبد الرزاق فرواه عن معمر مرسلا.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية