الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وهو ) أي مفهوم الموافقة نوعان ، نوع ( قطعي ، كرهن مصحف عند ذمي ) احتج الإمام أحمد رحمه الله في رهن المصحف عند الذمي بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ، مخافة أن تناله أيديهم فهذا قاطع وكذلك ما تقدم من الأمثلة ، فإنها قطعية ، والقطعي كون التعليل بالمعنى ، وكونه أشد مناسبة للفرع ، وكونهما قطعيين ( و ) نوع ( ظني ) ك ( إذا ردت شهادة فاسق ، فكافر أولى ) برد شهادته ، إذ الكفر فسق وزيادة ، وكون هذا ظنيا هو الصحيح ، اختاره الموفق في الروضة والطوفي في مختصره وشرحه ، وابن الحاجب وغيرهم ; لأنه واقع في محل الاجتهاد ، إذ يجوز أن يكون الكافر عدلا في دينه ، فيتحرى الصدق والأمانة ، بخلاف المسلم الفاسق ، فإن مستند قبول شهادته العدالة وهي مفقودة فهو في مظنة الكذب ، إذ لا وازع له عنه ، فهذا ظني غير قاطع .

وقيل : إن هذا المثال فاسد ; لأن التعليل بكون الكافر أولى بالرد ممنوع ; لما تقدم ومن أمثلة الظني أيضا : ما احتج به الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه في أنه لا شفعة لذمي على مسلم بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين { ، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه } فهذا مظنون ، وزعم الفخر إسماعيل البغدادي من أصحابنا في جدله : أنه ليس فيه قطعي ; لاحتمال أن يكون المراد في مفهوم الموافقة غير ما عللوه به ، والأكثر على خلافه ( ومثل ) قول القائل ( إذا جاز سلم مؤجلا ، فحال أولى ، لبعد عن غرر ، وهو المانع : فاسد ) مردود بأن الغرر في العقود مانع من الصحة لا مقتض لها ( إذ لا يثبت حكم لانتفاء مانعه ) ; لأن المانع لا يلزم من عدمه وجود ولا عدم ( بل ) إنما يثبت الحكم ( لوجود مقتضيه ) أي مقتضي الحكم ( و ) المقتضي لصحة السلم ( هو الارتفاق بالأجل ) على ما قرر في كتب الفروع ، كالأجل في الكتابة ، وهو منتف في الحال ، والغرر مانع له ، لكنه احتمل في المؤجل رخصة وتحقيقا للمقتضي ، وهو الارتفاق ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية