الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا

                                                                                                                                                                                                                                      الملك يومئذ الحق للرحمن أي : السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلي العام الثابت صورة ومعنى ، ظاهرا وباطنا ، بحيث لا زوال له أصلا ثابت للرحمن يومئذ ، فـ "الملك" مبتدأ ، و"الحق" صفته ، و"للرحمن" خبره ، و"يومئذ" ظرف لثبوت الخبر للمبتدأ ، وفائدة التقييد أن ثبوت الملك المذكور له تعالى خاصة يومئذ ، وأما فيما عداه من أيام الدنيا فيكون لغيره أيضا تصرف صوري في الجملة . وقيل : "الملك" مبتدأ ، و"الحق" خبره و"للرحمن" متعلق بالحق ، أو بمحذوف على التبيين ، أو بمحذوف هو صفة للحق ، و"يومئذ" معمول للملك ، وقيل : الخبر "يومئذ" و"الحق" نعت للملك وللرحمن على ما ذكر ، وأيا ما كان فالجملة بمعناها عاملة في الظرف ، أي : ينفرد الله تعالى بالملك يوم تشقق ، وقيل : الظرف منصوب بما ذكر فالجملة حينئذ استئناف مسوق لبيان أحواله وأهواله . وإيراده تعالى بعنوان الرحمانية للإيذان بأن اتصافه تعالى بغاية الرحمة لا يهون الخطب على الكفرة لعدم استحقاقهم للرحمة كما في قوله تعالى : يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم والمعنى : أن الملك الحقيقي يومئذ للرحمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وكان ذلك اليوم مع كون الملك فيه لله تعالى المبالغ في الرحمة لعباده يوما على الكافرين عسيرا شديدا لهم . وتقديم الجار والمجرور لمراعاة الفواصل ، وأما للمؤمنين فيكون يسيرا بفضل الله تعالى ، وقد جاء في الحديث : "أنه يهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا" ، والجملة اعتراض تذييلي مقرر لما قبله .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية