الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ذأن ]

                                                          ذأن : الذؤنون والعرجون والطرثوث من جنس : وهو مما ينبت في الشتاء ، فإذا سخن النهار فسد وذهب . غيره : الذؤنون نبت ينبت في أصول الأرطى والرمث والألاء تنشق عنه الأرض فيخرج مثل سواعد الرجال لا ورق له ، وهو أسحم وأغبر ، وطرفه محدد كهيئة الكمرة ، وله أكمام كأكمام الباقلى وثمرة صفراء في أعلاه ، وقيل : هو نبات ينبت أمثال العراجين من نبات الفطر ، والجمع الذآنين . وقال أبو حنيفة : الذآنين هنوات من الفقوع تخرج من تحت الأرض كأنها العمد الضخام ولا يأكلها شيء ، إلا أنها تعلفها الإبل في السنة ، وتأكلها المعزى وتسمن عليها ، ولها أرومة وهي تتخذ للأدوية ، ولا يأكلها إلا الجائع لمرارتها . وقال مرة : الذآنين تنبت في أصول الشجر ، أشبه شيء بالهليون ، إلا أنه أعظم منه وأضخم ، ليس له ورق وله برعومة تتورد ، ثم تنقلب إلى الصفرة . والذؤنون : ماء كله ، وهو أبيض [ ص: 15 ] إلا ما ظهر منه من تلك البرعومة ، ولا يأكله شيء ، إلا أنه إذا أسنت الناس ، فلم يكن بها شيء ، أغنى ، واحدته ذؤنونة . وذأننت الأرض : أنبتت الذآنين عن ابن الأعرابي . وخرجوا يتذأننون أي يطلبون الذآنين ويأخذونها ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          كل الطعام يأكل الطائيونا الحمضيض الرطب والذآنينا



                                                          قال الأزهري : ومنهم من لا يهمز فيقول ذونون ، وذوانين الجمع .

                                                          ابن شميل : الذؤنون أسمر اللون مدملك له ورق لازق به ، وهو طويل ، مثل الطرثوث ، تمه لا طعم له ، ليس بحلو ولا مر ، لا يأكله إلا الغنم ، ينبت في سهول الأرض ، والعرب تقول : ذونون لا رمث له ، وطرثوث لا أرطاة ؛ يقال هذا للقوم إذا كانت لهم نجدة وفضل فهلكوا وتغيرت حالهم ، فيقال : ذآنين لا رمث لها وطراثيث لا أرطى أي : قد استؤصلوا فلم تبق لهم بقية ؛ قال ابن بري : هو هليون البر ؛ وأنشد للراجز يصف نفسه بالرخاوة واللين :


                                                          كأنني وقدمي تهيث     ذؤنون سوء رأسه نكيث



                                                          قوله : تهيث أي : تهيث التراب ، مثل هاث له بالعطاء ، ونكيث : متشعث ؛ وقال آخر :


                                                          غداة توليتم كأن سيوفكم     ذآنين في أعناقكم لم تسلل



                                                          وفي حديث حذيفة : قال لجندب بن عبد الله : كيف تصنع إذا أتاك من الناس مثل الوتد ، أو مثل الذؤنون يقول : اتبعني ولا أتبعك ؟ الذؤنون : نبت طويل ضعيف له رأس مدور ، وربما أكله الأعراب ؛ قال : وهو من ذأنه إذا حقره وضعف شأنه ، شبهه به لصغره وحداثة سنه ، وهو يدعو المشايخ إلى اتباعه ، أي : ما تصنع إذا أتاك رجل ضال ، وهو في نحافة جسمه كالوتد أو الذؤنون لكده نفسه بالعبادة يخدعك بذلك ويستتبعك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية