الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الرسول عطف على قوله تعالى : "وقال الذين لا يرجون لقاءنا ..." وما بينها اعتراض مسوق لاستعظام ما قالوه وبيان ما يحيق بهم في الآخرة من الأهوال والخطوب . وإيراده صلى الله عليه وسلم بعنوان الرسالة لتحقيق الحق والرد على نحورهم حيث كان ما حكي عنهم قدحا في رسالته صلى الله عليه وسلم ، أي : قالوا : كيت وكيت ، وقال الرسول إثر ما شاهد منهم غاية [ ص: 215 ] العتو ونهاية الطغيان بطريق البث إلى ربه عز وجل يا رب إن قومي يعني الذين حكي عنهم ما حكي من الشنائع اتخذوا هذا القرآن الذي من جملته هذه الآيات الناطقة بما يحيق بهم في الآخرة من فنون العقاب كما ينبئ عنه كلمة الإشارة .

                                                                                                                                                                                                                                      مهجورا أي : أنه متروكا بالكلية ولم يؤمنوا به ولم يعرفوا إليه رأسا ولم يتأثروا بوعيده ، وفيه تلويح بأن من حق المؤمن أن يكون كثير التعاهد للقرآن كيلا يندرج تحت ظاهر النظم الكريم ، فإنه روي عنه صلى الله عليه السلام أنه قال : "من تعلم القرآن وعلق مصحفا لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به ، يقول : يا رب العالمين عبدك هذا اتخذني مهجورا اقض بيني وبينه" . وقيل : هو من هجر : إذا هذى ، أي : جعلوه مهجورا فيه إما على زعمهم الباطل ، وإما بأن هجروا فيه إذا سمعوه كما يحكى عنهم من قولهم : لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه . وقد جوز أن يكون المهجور بمعنى : الهجر كالمجلود والمعقول ، فالمعنى : اتخذوه هجرا وهذيانا وفيه من التحدير والتخويف ما لا يخفى ، فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا شكوا إلى الله تعالى قولهم عجل لهم العذاب ولم ينظروا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية