الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 5 ] 287 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان ينوب في الصلاة من التسبيح والتصفيق والتنحنح

1751 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة الرعيني ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا يحيى بن حيان ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن مغيرة الضبي ، عن الحارث العكلي ، عن عبد الله بن نجي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان ، فكنت إذا دخلت وهو يصلي تنحنح .

[ ص: 6 ]

1752 - حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، قال : حدثنا علي بن معبد بن شداد العبدي ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، ثم ذكر بإسناده مثله .

قال أبو جعفر : ففيما روينا إباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم التنحنح للمصلي ، [ ص: 7 ] عند الأشياء التي تنوبه في صلاته . ثم اعتبرنا هذا الحديث : هل خولف فيه رواته المذكورون أم لا ؟

1753 - فوجدنا يزيد بن سنان قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو كامل فضيل بن الحسين الجحدري ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا عمارة بن القعقاع ، عن الحارث العكلي ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن عبد الله بن نجي ، قال : قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كانت لي ساعة من السحر أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كان في صلاة سبح فكان ذلك إذنه لي .

[ ص: 8 ] قال أبو جعفر : فوقفنا بذلك على أن رواته بالمعنى الأول من التنحنح قد خولفوا فيه ، وأن مكان التنحنح المذكور فيه التسبيح المذكور في الحديث الثاني ، وكان ذلك هو أولى عندنا ؛ لأن الآثار التي روتها العامة من أهل العلم فيما ينوب الرجل في الصلاة مما يستعملونه فيه هو التسبيح ، وأن الذي يستعمله النساء في مثل ذلك هو التصفيق .

1754 - فمن ذلك ما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من نابه شيء في صلاته فليقل : سبحان الله إنما التصفيق للنساء ، والتسبيح للرجال .

[ ص: 9 ]

1755 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب أن مالك بن أنس حدثه ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من نابه شيء في صلاته فليسبح ؛ فإنه إذا سبح التفت إليه ، وإنما التصفيح للنساء .

1756 - وما قد حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا قبيصة بن عقبة ، قال : حدثنا الثوري ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من نابه شيء في صلاته فليسبح ؛ فإن التصفيق للنساء .

قال أبو جعفر : فكان المأمور باستعماله في هذه الآثار هو التسبيح من الرجال وهي آثار صحاح مقبولة المجيء ، وأهل العلم جميعا عليها ، غير أن مالكا سوى في ذلك بين الرجال وبين النساء ، فجعل [ ص: 10 ] الذي يستعملونه جميعا في ذلك التسبيح لا التصفيق .

1757 - كما حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : وسئل مالك أتصفق المرأة في الصلاة ؟ قال : لا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : من نابه شيء في صلاته فليسبح .

وغير أن أبا حنيفة قد كان يقول : من سبح في صلاته ابتداء لم يفسد ذلك صلاته ، وإن سبح فيها جوابا أفسد ذلك صلاته ، وتابعه على ذلك محمد بن الحسن وخالفهما أبو يوسف في ذلك ، فقال : الصلاة جائزة في ذلك كله.

كما حدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا علي بن معبد ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة بما ذكرناه عنه.

وعن علي ، عن محمد ، عن أبي يوسف بما ذكرناه عنه.

وعن علي ، عن محمد بما ذكرناه عنه.

وكان الأمر عندنا في ذلك كله اتباع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وترك الخروج عنه ، وعن شيء منه ، واستعمال النساء فيما ينوبهن [ ص: 11 ] في ذلك التصفيق لا التسبيح ، واستعمال الرجال فيما ينوبهم في ذلك التسبيح لا التصفيق ، وأن لا فرق في ذلك بين التسبيح ابتداء أو بينه جوابا ؛ لأنا قد رأينا الكلام الذي لا يتكلم به في الصلاة هذا حكمه : يقطعها إذا كان ابتداء ، ويقطعها إذا كان جوابا ، ولما كان التسبيح لا يقطعها إذا كان ابتداء لم يقطعها إذا كان جوابا . وقد روى أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم التفريق في ذلك بين النساء والرجال على ما قد ذكرنا في حديث ابن عيينة ، عن أبي حازم .

1758 - كما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة .

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : التسبيح للرجال والتصفيق للنساء .

[ ص: 12 ]

1759 - وكما حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا يعلى بن عبيد الطنافسي ، قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

قال أبو جعفر : فوكد ذلك ما رواه ابن عيينة ، عن أبي حازم بالتفريق بين الرجال وبين النساء فيما يستعملون في هذه النائبة في صلواتهم والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية