الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ لا زائد في القرآن ]

                                                      ولا يجوز أن يقال : فيه زائد إلا بتأويل ، بل يقول : إن واضع اللغة لا يجوز عليه العبث ، فليس فيها لفظ زائد لا لفائدة ، وقول العلماء : " ما " زائدة و " الباء " زائدة ونحوها ، فمرادهم أن الكلام لا يختل معناه بحذفها أي : لا تتوقف دلالته على معناه الأصلي على ذكر ذلك الزائد لا أنه لا فائدة فيه أصلا ، فإن ذلك لا يجوز من واضع اللغة فضلا عن كلام الحكيم . وجميع ما قيل فيه زائد ، ففائدته التوكيد ، لأن الزيادة في الكلام تقتضي أن ذلك لم يصدر عن غفلة ، وإنما صدر عن قصد وتأمل ، وذلك من فوائد التوكيد اللفظي .

                                                      وقال ابن الخشاب في " المعتمد " : اختلف في هذه المساواة فذهب الأكثرون إلى جواز إطلاق الزائد في القرآن نظرا إلى أنه نزل بلسان القوم وبمتعارفهم ، وهو في كلامهم كثير ، ولأن الزيادة بإزاء الحذف هذا للاختصار والتخفيف ، وذلك للتوكيد والتوطئة ولا خلاف بينهم أن في [ ص: 201 ] التنزيل محذوفات جاءت للاختصار لمعان رائقة ، فكذلك تقول في الزيادة .

                                                      ومنهم من لا يرى الزيادة في شيء من الكلام ، ويقول : هذه الألفاظ التي يحملونها على الزيادة جاءت لفوائد ومعان تخصها ، فلا أقضي عليها بالزيادة .

                                                      وممن كان يرى هذا أبو محمد عبد الله بن درستويه ، وكان عاليا في هذا الباب مغاليا في علم الاشتقاق ، وكان يزاحم الزجاج فيه بمنكبه ، ويذكر أنه ناظره فيه .

                                                      قال ابن الخشاب : والتحقيق : أنه إن أراد القائل بالزيادة إثبات معنى لا حاجة إليه فهذا باطل ، ولا يقوله أحد ، لأنه عبث فتعين أن إلينا به حاجة لكن الحاجة إلى الأشياء قد تختلف بحسب المقصد فليست الحاجة إلى اللفظ الذي عد هؤلاء زيادة كالحاجة إلى اللفظ الذي رأوها مزيدة عليه ، لأن هذا بالاتفاق منا ومنهم إن اختل اختلفت به الفائدة فلم يكن الكلام دونه كلاما والذي سموه زائدا إن اختل به كانت الفائدة دونه ، والجملة مقتصرا بها على ما يميزه أكثرية فائدة وأقرب ، وعلى هذا يرتفع الخلاف .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية