الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين ( 30 ) )

يقول تعالى ذكره : وقيل للفريق الآخر ، الذين هم أهل إيمان وتقوى لله ( ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ) يقول : قالوا : أنزل خيرا . وكان بعض أهل العربية من الكوفيين يقول : إنما اختلف الأعراب في قوله ( قالوا أساطير الأولين ) وقوله : ( خيرا ) والمسألة قبل الجوابين كليهما واحدة ، وهي قوله ( ماذا أنزل ربكم ) لأن الكفار جحدوا التنزيل ، فقالوا حين سمعوه : أساطير الأولين : أي هذا الذي جئت به أساطير الأولين ، ولم ينزل الله منه شيئا ، وأما المؤمنون فصدقوا التنزيل ، فقالوا خيرا ، بمعنى أنه أنزل خيرا ، فانتصب بوقوع الفعل من الله على [ ص: 197 ] الخير ، فلهذا افترقا ثم ابتدأ الخبر فقال ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) وقد بينا القول في ذلك فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته .

وقوله : ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) يقول تعالى ذكره : للذين آمنوا بالله في هذه الدنيا ورسوله ، وأطاعوه فيها ، ودعوا عباد الله إلى الإيمان والعمل بما أمر الله به ، حسنة ، يقول : كرامة من الله ( ولدار الآخرة خير ) يقول : ولدار الآخرة خير لهم من دار الدنيا ، وكرامة الله التي أعدها لهم فيها أعظم من كرامته التي عجلها لهم في الدنيا ( ولنعم دار المتقين ) يقول : ولنعم دار الذين خافوا الله في الدنيا فاتقوا عقابه بأداء فرائضه وتجنب معاصيه دار الآخرة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) وهؤلاء مؤمنون ، فيقال لهم ( ماذا أنزل ربكم ) فيقولون ( خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) : أي آمنوا بالله وأمروا بطاعة الله ، وحثوا أهل طاعة الله على الخير ودعوهم إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية