الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل .

[ النوع الثالث من الرأي المحمود ] .

النوع الثالث من الرأي المحمود : الذي تواطأت عليه الأمة ، وتلقاه خلفهم عن سلفهم ; فإن ما تواطئوا عليه من الرأي لا يكون إلا صوابا ، كما تواطئوا عليه من الرواية والرؤيا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وقد تعددت منهم رؤيا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان : { أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر } فاعتبر صلى الله عليه وسلم تواطؤ رؤيا المؤمنين ، فالأمة معصومة فيما تواطأت عليه من روايتها ورؤياها ، ولهذا كان من سداد الرأي وإصابته أن يكون شورى بين أهله ، ولا ينفرد به واحد ، وقد مدح الله سبحانه المؤمنين بكون أمرهم شورى بينهم ، وكانت النازلة إذا نزلت بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس عنده فيها نص عن الله ولا عن رسوله جمع لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جعلها شورى بينهم .

قال البخاري : حدثنا سنيد ثنا يزيد عن العوام بن حوشب عن المسيب بن رافع قال : كان إذا جاءه الشيء من القضاء ليس في الكتاب ولا في السنة سمى صوافي الأمر إليهم فجمع له أهل العلم ; فإذا اجتمع عليه رأيهم الحق .

وقال محمد بن سليمان الباغندي : ثنا عبد الرحمن بن يونس ثنا عمر بن أيوب أخبرنا عيسى بن المسيب عن عامر عن شريح القاضي قال : قال لي عمر بن الخطاب أن أقض بما استبان لك من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ; فإن لم تعلم كل أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بما [ ص: 67 ] استبان لك من أئمة المهتدين ، فإن لم تعلم كل ما قضت به أئمة المهتدين فاجتهد رأيك ، واستشر أهل العلم والصلاح .

وقال الحميدي : ثنا سفيان ثنا الشيباني عن الشعبي قال : كتب عمر إلى شريح إذا حضرك أمر لا بد منه فانظر ما في كتاب الله فاقض به ، فإن لم يكن ففيما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يكن ففيما قضى به الصالحون وأئمة العدل ، فإن لم يكن فأنت بالخيار ، فإن شئت أن تجتهد رأيك فاجتهد رأيك ، وإن شئت أن تؤامرني ، ولا أرى مؤامرتك إياي إلا خيرا لك ، والسلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية