الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : ( آتينا موسى الكتاب ) : أنزلناه إليه . وقد بينا أن معنى "الإيتاء " الإعطاء ، فيما مضى قبل .

[ ص: 318 ] و " الكتاب " الذي آتاه الله موسى عليه السلام ، هو التوراة .

وأما قوله : ( وقفينا ) ، فإنه يعني : وأردفنا وأتبعنا بعضهم خلف بعض ، كما يقفو الرجل الرجل : إذا سار في أثره من ورائه . وأصله من "القفا " ، يقال منه : "قفوت فلانا : إذا صرت خلف قفاه ، كما يقال : "دبرته " : إذا صرت في دبره .

ويعني بقوله : ( من بعده ) ، من بعد موسى .

ويعني ب ( الرسل ) : الأنبياء ، وهم جمع "رسول " . يقال : "هو رسول وهم رسل " ، كما يقال : "هو صبور وهم قوم صبر ، وهو رجل شكور وهم قوم شكر .

وإنما يعني - جل ثناؤه - بقوله : ( وقفينا من بعده بالرسل ) ، أي أتبعنا بعضهم بعضا على منهاج واحد وشريعة واحدة ؛ لأن كل من بعثه الله نبيا بعد موسى صلى الله عليه وسلم إلى زمان عيسى ابن مريم ، فإنما بعثه يأمر بني إسرائيل بإقامة التوراة ، والعمل بما فيها ، والدعاء إلى ما فيها ؛ فلذلك قيل : ( وقفينا من بعده بالرسل ) ، يعني على منهاجه وشريعته ، والعمل بما كان يعمل به .

التالي السابق


الخدمات العلمية