الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل

التأويل ينقسم إلى منقاد ومستكره : فالأول : ما لا تعرض فيه بشاعة أو استقباح ، وقد يقع فيه الخلاف بين الأئمة : إما لاشتراك في اللفظ ، نحو : لا تدركه الأبصار ( الأنعام : 103 ) هل هو من بصر العين أو القلب ؟ وإما لأمر راجع إلى النظم ، كقوله - تعالى - : إلا الذين تابوا ( النور : 5 ) هل هذا الاستثناء مقصور على المعطوف وحده أو عائد إلى الجميع ؟ وإما لغموض المعنى ووجازة النظم ، كقوله - تعالى - : وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ( البقرة : 227 ) . وإما لغير ذلك .

وأما المستكره : فما يستبشع إذا عرض على الحجة ، وذلك على أربعة أوجه : الأول أن يكون لفظا عاما فيختص ببعض ما يدخل تحته ، كقوله - تعالى - : وصالح المؤمنين ( التحريم : 4 ) فحمله بعضهم على علي - رضي الله عنه - فقط .

والثاني : أن يلفق بين اثنين ؛ كقول من زعم تكليف الحيوانات في قوله : وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ( فاطر : 24 ) مع قوله - تعالى - : وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ( الأنعام : 38 ) إنهم مكلفون كما نحن .

والثالث : ما [ ص: 319 ] استعير فيه كقوله - تعالى - : يوم يكشف عن ساق ( القلم : 42 ) في حمله على حقيقته .

الرابع : ما أشعر به باشتقاق بعيد ، كما قال بعض الباطنية في البقرة : إنه إنسان يبقر عن أسرار العلوم ، وفي الهدهد إنه إنسان موصوف بجودة البحث والتنقيب .

والأول أكثر ما يروج على المتفقهة الذين لم يتبحروا في معرفة الأصول ، والثاني على المتكلم القاصر في معرفة شرائط النظم ، والثالث على صاحب الحديث الذي لم يتهذب في شرائط قبول الأخبار ، والرابع على الأديب الذي لم يتهذب بشرائط الاستعارات والاشتقاقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية