الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في ذكر قول الله تعالى: ومن لم يستطع إلخ، هكذا ساقه في رواية كريمة ، وفي رواية أبي ذر : ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات الآية، وهكذا وقع في أصول البخاري ، ولم يذكر فيه حديثا، وابن بطال أدخل فيه حديث أبي هريرة الذي في الباب الذي بعده، ثم ذكره فيه أيضا لكن من طريق آخر، وأباه ابن التين ، فذكره كما ذكرنا .

                                                                                                                                                                                  قوله: " طولا " أي فضلا وسعة وقدرة .

                                                                                                                                                                                  قوله: " المحصنات المؤمنات " أي الحرائر العفائف المؤمنات .

                                                                                                                                                                                  قوله: " فمن ما " أي فتزوجوا مما ملكت أيمانكم " من فتياتكم " أي من إمائكم المؤمنات، والفتيات جمع فتاة، وهي الأمة، فيه دليل على أنه لا يجوز نكاح الأمة الكافرة من دليل [ ص: 16 ] الخطاب، والمعروف من مذهب مالك أن نكاح الأمة الذمية لا يجوز، وأجازه الآخرون .

                                                                                                                                                                                  قوله: " والله أعلم بإيمانكم " يعني هو العالم بحقائق الأمور وسرائرها، وإنما لكم أيها الناس الظاهر من الأمور .

                                                                                                                                                                                  قوله: " بعضكم من بعض " فيه قولان:

                                                                                                                                                                                  أحدهما أنكم مؤمنون، وأنتم إخوة.

                                                                                                                                                                                  والثاني أنكم بنو آدم.

                                                                                                                                                                                  وإنما قيل لهم هذا فيما روي، لأنهم كانوا في الجاهلية يعيرون بالهجانة، ويسمون ابن الأمة هجينا، فقال تعالى: " بعضكم من بعض " .

                                                                                                                                                                                  قوله: " فانكحوهن بإذن أهلهن " يدل على أن السيد هو ولي أمته لا تزوج إلا بإذنه ، وكذلك هو ولي عبده، ولا يتزوج إلا بإذنه، وإن كان مالك الأمة امرأة زوجها من يزوج المرأة بإذنها، لما جاء في الحديث: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها"، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها .

                                                                                                                                                                                  قوله: " وآتوهن أجورهن " أي وأعطوهن مهورهن بالمعروف، أي عن طيب نفس منكم، ولا تبخسوهن منه شيئا استهانة بهن لكونهن إماء مملوكات .

                                                                                                                                                                                  قوله: " محصنات " أي عفائف عن الزنا لا يتعاطينه، ولهذا قال: " غير مسافحات " أي غير زواني، اللاتي لا يمنعن أنفسهن من أحد .

                                                                                                                                                                                  قوله: " أخدان " أي أخلاء وهو جمع خدن بكسر الخاء، وهو الصديق ، وكذلك الخدين، ووقع في رواية المستملي وحده: غير مسافحات زواني ولا متخذات أخدان أخلاء .

                                                                                                                                                                                  قوله: " فإذا أحصن " فيه قراءتان: إحداهما بضم الهمزة وكسر الصاد، والأخرى بفتح الهمزة والصاد، فعل لازم، فقيل: معنى القراءتين واحد، واختلفوا فيه على قولين، أحدهما: أن المراد بالإحصان هنا الإسلام، روي ذلك عن ابن مسعود ، وابن عمر ، وأنس ، والأسود بن زيد ، وزر بن حبيش ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي ، والشعبي ، والسدي ، وبه قال مالك ، والليث ، والأوزاعي ، والكوفيون ، والشافعي ، والآخر: أن المراد ههنا التزوج، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وطاوس ، والحسن ، وقتادة .

                                                                                                                                                                                  قوله: فإن أتين بفاحشة يعني الزنا .

                                                                                                                                                                                  قوله: فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب يعني الحد كما في قوله: ويدرأ عنها العذاب وهو خمسون جلدة، وتغريب نصف سنة .

                                                                                                                                                                                  قوله: "ذلك" إشارة إلى نكاح الإماء عند عدم الطول .

                                                                                                                                                                                  قوله: " العنت " يعني الإثم والضرر بغلبة الشهوة، هكذا فسره الثعلبي ، ويقال: العنت الزنا، وهو في الأصل المشقة .

                                                                                                                                                                                  قوله: " وأن تصبروا " كلمة"أن" مصدرية، أي وصبركم عن نكاح الإماء خير لكم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية