الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          الكتابة اسم مصدر بمعنى المكاتبة من الكتب بمعنى الجمع لأنها تجمع نجوما . ومنه سمي الخراز كاتبا ، أو ; لأن السيد يكتب بينه وبين عبده كتابا بما اتفقا عليه . وشرعا ( بيع سيد رقيقه ) ذكرا كان أو أنثى ( نفسه ) أي : الرقيق ( بمال ) فلا تصح على خنزير ونحوه ( في ذمته ) أي : الرقيق لا معين ( مباح ) فلا تصح على آنية ذهب أو فضة أو نحوهما ( معلوم ) فلا تصح على مجهول ; لأنها بيع ، ولا يصح مع جهالة الثمن ( يصح السلم فيه ) فلا تصح بجوهر ونحوه لئلا يفضي إلى التنازع ( منجم بنجمين فصاعدا ) أي : أكثر من نجمين ( بعلم قسط ) أي : مبلغ ( كل نجم ) بما عقد عليه من دراهم أو دنانير أو غيرهما ( ومدته ) ; لأن الكتابة مشتقة من الكتب وهو الضم . فوجب افتقارها إلى نجمين ليضم أحدهما إلى الآخر واشترط العلم بما لكل نجم من القسط والمدة لئلا يؤدي جهله إلى التنازع . ولا يشترط تساوي الأنجم . فلو جعل نجم شهرا وآخر سنة أو جعل قسط أحدهما مائة والآخر خمسين ونحوه جاز ; لأن القصد العلم بقدر الأجل وقسطه وقد حصل بذلك . والنجم هنا الوقت . فإن العرب كانت لا تعرف الحساب وإنما تعرف الأوقات بطلوع النجم . قال بعضهم :

                                                                          إذا سهيل أول الليل طلع فابن اللبون الحق والحق الجذع

                                                                          أو يبيع سيد رقيقه نفسه ( بمنفعة ) منجمة ( على أجلين ) فأكثر ، كأن يكاتبه في [ ص: 598 ] المحرم على خدمته فيه وفي رجب أو على خياطة ثوب أو بناء حائط عينهما . فإن كاتبه على خدمة شهر معين أو سنة معينة لم تصح ; لأنه نجم واحد . وأجمع المسلمون على مشروعية الكتابة . لقوله تعالى : { والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } وحديث بريرة وحديث { المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم } رواه أبو داود ( ولا يشترط ) لكتابة ( أجل له وقع في القدرة على الكسب فيه ) فيصح توقيت النجمين بساعتين . قال في شرحه في الأصح .

                                                                          وفي تصحيح الفروع ظاهر كلام كثير من الأصحاب الصحة ولكن العرف والعادة ، والمعنى أنه لا يصح قياسا على السلم لكن السلم أضيق وجزم بالثاني في الإقناع

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية