الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4030 باب: لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام

                                                                                                                              وقال النووي: (باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \النووي، ص148 ج14، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [(عن أبي هريرة) رضي الله عنه؛ ( أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: "لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق؛ فاضطروه إلى أضيقه" ) ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              فيه النهي: عن ابتداء السلام، على أهل الكتاب. وبه تظاهرت الأدلة الصحيحة الصريحة؛ من السنة المطهرة. قال النووي: ودليلنا في الابتداء: هذا الحديث. وفي الرد: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "فقولوا: وعليكم". قال: وبهذا قال أكثر العلماء، وعامة السلف. وذهبت طائفة: إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام. روي ذلك عن ابن عباس، وأبي أمامة، وابن أبي محيريز. واحتج هؤلاء: بعموم الأحاديث، وبإفشاء السلام. وهي حجة باطلة. لأنه عام؛ مخصوص [ ص: 239 ] بحديث: "لا تبدأوا". وقال بعض أصحابنا. يكره الابتداء، ولا يحرم. وهذا ضعيف أيضا؛ لأن النهي للتحريم. قال: فالصواب تحريم ابتدائهم. وحكى عياض عن جماعة: أنه يجوز ابتداؤهم به؛ للضرورة، والحاجة، والسبب. وهو قول علقمة، والنخعي. وقال الأوزاعي: إن سلمت، فقد سلم الصالحون. وإن تركت؛ فقد ترك الصالحون. انتهى. قلت: آخر حديث الباب؛ يدل على اضطرارهم إلى أضيق الطريق. وهو يؤيد: أن النهي عن الابتداء للتحريم. ولا يعارضه فعل بعض السلف. ولكن أنى لنا هذا في هذا الزمان؟ بل منذ زمن كثير. وكأن هذه الشريعة صارت كالمنسوخة، وليس في المسلمين من يعمل بها. اللهم! إلا شرذمة قليلة غرباء. لا يعرفونهم، ولا يعرفهم أهل الكتاب. قال النووي: قال أصحابنا، لا يترك للذمي صدر الطريق. بل يضطر إلى أضيقه؛ إذا كان المسلمون يطرقون. فإن خلت الطريق عن الزحمة؛ فلا حرج. وليكن التضييق، بحيث لا يقع في وهدة، ولا يصدمه جدار ونحوه. والله أعلم بالصواب.




                                                                                                                              الخدمات العلمية