الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4035 باب: منع النساء أن يخرجن، بعد نزول الحجاب

                                                                                                                              وقال النووي: (باب إباحة الخروج للنساء، لقضاء حاجة الإنسان) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \النووي، ص152 ج14، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عائشة؛ أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، كن يخرجن بالليل؛ إذا تبرزن، إلى المناصع. وهو صعيد أفيح. وكان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم احجب نساءك. فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. فخرجت سودة بنت زمعة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي، عشاء. وكانت امرأة طويلة. فناداها عمر: ألا قد عرفناك. يا سودة! حرصا [ ص: 244 ] على أن ينزل الحجاب. قالت عائشة: فأنزل الله -عز وجل- الحجاب ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة) رضي الله عنها؛ (أن أزواج النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم: كن يخرجن بالليل -إذا تبرزن- إلى المناصع) . أي: إذا أردن الخروج، لقضاء الحاجة.

                                                                                                                              "والمناصع" بفتح الميم، وبكسر الصاد المهملة: جمع "منصع". (وهو صعيد أفيح) . وهذه المناصع: مواضع. قال الأزهري: أراها مواضع خارج المدينة. وهي أرض متسعة.

                                                                                                                              (وكان عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (يقول لرسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: احجب نساءك. فلم يكن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: يفعل. فخرجت سودة بنت زمعة، زوج النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ ليلة من الليالي، عشاء. وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك. يا سودة! حرصا على أن ينزل الحجاب. قالت عائشة: فأنزل الحجاب) . فيه: منقبة ظاهرة، لعمر بن الخطاب.

                                                                                                                              [ ص: 245 ] وفيه: تنبيه أهل الفضل والكبار؛ على مصالحهم، ونصيحتهم، وتكرار ذلك عليهم.

                                                                                                                              وفيه: جواز خروج المرأة من بيت زوجها، لقضاء حاجة الإنسان، إلى الموضع المعتاد لذلك؛ بغير استئذان الزوج. لأنه مما أذن فيه الشرع.

                                                                                                                              قال عياض: فرض الحجاب، مما اختص به أزواج النبي، صلى الله عليه وآله وسلم. فهو فرض عليهن، بلا خلاف -في الوجه والكفين- فلا يجوز لهن: كشف ذلك، لشهادة ولا غيرها. ولا يجوز لهن: إظهار شخوصهن، وإن كن مستترات؛ إلا ما دعت إليه الضرورة: من الخروج للبراز. قال تعالى: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب . وقد كن إذا قعدن للناس؛ جلسن من وراء الحجاب. وإذا خرجن، حجبن وسترن أشخاصهن، كما جاء في حديث حفصة، يوم وفاة عمر. "ولما توفيت زينب؛ جعلوا لها "قبة" فوق نعشها، تستر شخصها". انتهى.

                                                                                                                              قال في الفتح: وفي دعوى "وجوب حجب أشخاصهن مطلقا -إلا في حاجة البراز- نظر". فقد كن يسافرن لحج وعمرة. ومن ضرورة [ ص: 246 ] ذلك: الطواف والسعي. وفيه بروز أشخاصهن. بل وفي حالة الركوب والنزول؛ لا بد من ذلك. وكذا في خروجهن إلى المسجد النبوي، وغيره. انتهى.

                                                                                                                              وبالجملة؛ مفهوم الحديث: أن الحجاب مستحب لنساء الأمة، لا فرض عليهن. وإنما فرض على أزواج النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، خاصة. وهو الراجح. ولهذا البحث موضع آخر.




                                                                                                                              الخدمات العلمية