الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما سجدة التلاوة فالكلام فيها يقع في مواضع : في بيان وجوبها ، وفي بيان كيفية الوجوب ، وفي بيان سبب [ ص: 180 ] الوجوب ، وفي بيان من تجب عليه ومن لا تجب ويتضمن بيان شرائط الوجوب ، وفي بيان شرائط جوازها ، وفي بيان محل أدائها ، وفي بيان كيفية أدائها ، وفي بيان سببها ، وفي بيان مواضعها من القرآن .

                                                                                                                                أما الأول فقد قال أصحابنا : إنها واجبة ، وقال الشافعي : إنها مستحبة وليست بواجبة واحتج بحديث الأعرابي حين علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرائع ، فقال : هل علي غيرهن ؟ قال : لا إلا أن تطوع فلو كانت سجدة التلاوة واجبة لما احتمل ترك البيان بعد السؤال ، وعن عمر رضي الله عنه أنه تلا آية السجدة على المنبر وسجد ثم تلاها في الجمعة الثانية فتشوف الناس للسجود فقال : أما إنها لم تكتب علينا إلا أن نشاء .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : إذا تلا ابن آدم آية السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول : أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فلم أسجد فلي النار } ، والأصل أن الحكيم متى حكى عن غير الحكيم أمرا ولم يعقبه بالنكير يدل ذلك على أنه صواب فكان في الحديث دليل على كون ابن آدم مأمورا بالسجود ومطلق الأمر للوجوب ولأن الله تعالى ذم أقواما بترك السجود فقال : { وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } وإنما يستحق الذم بترك الواجب ولأن مواضع السجود في القرآن منقسمة منها ما هو أمر بالسجود وإلزام للوجوب كما في آخر سورة القلم ، ومنها ما هو إخبار عن استكبار الكفرة عن السجود فيجب علينا مخالفتهم بتحصيله ، ومنها ما هو إخبار عن خشوع المطيعين فيجب علينا متابعتهم لقوله تعالى { فبهداهم اقتده } وعن عثمان ، وعلي ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أنهم قالوا : السجدة على من تلاها ، وعلى من سمعها ، وعلى من جلس لها على اختلاف ألفاظهم وعلى كلمة إيجاب .

                                                                                                                                وأما حديث الأعرابي ففيه بيان الواجب ابتداء لا ما يجب بسبب يوجد من العبد ألا ترى أنه لم يذكر المنذور وهو واجب وأما قول عمر رضي الله عنه فنقول بموجبه : إنها لم تكتب علينا بل أوجبت ، وفرق بين الفرض والواجب على ما عرف في موضعه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية