الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى استدل على التوحيد والإلهيات أولا : بتخليق السماوات والأرض ، وثانيا : بأحوال الشمس والقمر ، وثالثا : في هذه الآية بالمنافع الحاصلة من اختلاف الليل والنهار ، وقد تقدم تفسيره في سورة البقرة في تفسير قوله : ( إن في خلق السماوات والأرض ) ورابعا : بكل ما خلق الله في السماوات والأرض ، وهي أقسام الحوادث الحادثة في هذا العالم ، وهي محصورة في أربعة أقسام ، أحدها : الأحوال الحادثة في العناصر الأربعة ، ويدخل فيها أحوال الرعد والبرق والسحاب والأمطار والثلوج . ويدخل فيها أيضا أحوال البحار ، وأحوال المد والجزر ، وأحوال الصواعق والزلازل والخسف . وثانيها : أحوال المعادن ، وهي عجيبة كثيرة . وثالثها : اختلاف أحوال النبات . ورابعها : اختلاف أحوال الحيوانات ، وجملة هذه الأقسام الأربعة داخلة في قوله تعالى : ( وما خلق الله في السماوات والأرض ) والاستقصاء في شرح هذه الأحوال مما لا يمكن في ألف مجلد ، بل كل ما ذكره العقلاء في أحوال أقسام هذا العالم فهو جزء مختصر من هذا الباب .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم إنه تعالى بعد ذكر هذه الدلائل قال : ( لآيات لقوم يتقون ) فخصها بالمتقين ؛ لأنهم يحذرون العاقبة فيدعوهم الحذر إلى التدبر والنظر . قال القفال : من تدبر في هذه الأحوال علم أن الدنيا مخلوقة لشقاء الناس فيها ، وأن خالقها وخالقهم ما أهملهم ، بل جعلها لهم دار عمل . وإذا كان كذلك فلا بد من أمر ونهي ، ثم من ثواب وعقاب ، ليتميز المحسن عن المسيء ، فهذه الأحوال في الحقيقة دالة على صحة القول بإثبات المبدأ وإثبات المعاد .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية