الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ( 61 ) )

يقول تعالى ذكره ( ولو يؤاخذ الله ) عصاة بني آدم بمعاصيهم ( ما ترك عليها ) يعني على الأرض ( من دابة ) تدب عليها ( ولكن يؤخرهم ) يقول : ولكن بحلمه يؤخر هؤلاء الظلمة فلا يعاجلهم بالعقوبة ( إلى أجل مسمى ) يقول : إلى وقتهم الذي وقت لهم ، ( فإذا جاء أجلهم ) يقول : فإذا جاء الوقت الذي وقت لهلاكهم ( لا يستأخرون ) عن الهلاك ساعة فيمهلون ( ولا يستقدمون ) له حتى يستوفوا آجالهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، قال : كاد الجعل أن يعذب بذنب بني آدم ، وقرأ ( لو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ) .

[ ص: 231 ] حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا إسماعيل بن حكيم الخزاعي ، قال : ثنا محمد بن جابر الجعفي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، قال : سمع أبو هريرة رجلا وهو يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه ، قال : فالتفت إليه فقال : بلى ، والله إن الحبارى لتموت في وكرها هزالا بظلم الظالم .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا أبو عبيدة الحداد ، قال : ثنا قرة بن خالد السدوسي ، عن الزبير بن عدي ، قال : قال ابن مسعود : خطيئة ابن آدم قتلت الجعل .

حدثنا أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، قال : قال عبد الله : كاد الجعل أن يهلك في جحره بخطيئة ابن آدم .

حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، قال الله : ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) قال : نرى أنه إذا حضر أجله فلا يؤخر ساعة ، ولا يقدم ، ما لم يحضر أجله ، فإن الله يؤخر ما شاء ، ويقدم ما شاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية