الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          باب الذكاة لا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه بغير ذكاة إلا الجراد وشبهه ، والسمك وسائر ما لا يعيش إلا في الماء ، فلا ذكاة له . وعنه في السرطان وسائر البحري أنه يحل بلا ذكاة ، وعنه في الجراد : لا يؤكل إلا أن يموت بسبب ككبسه وتغريقه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          باب الذكاة .

                                                                                                                          يقال : ذكى الشاة ونحوها تذكية ، أي : ذبحها
                                                                                                                          ، والاسم : الذكاة ، والمذبوح ذكي ، فعيل بمعنى مفعول .

                                                                                                                          ( لا يباح شيء من الحيوان ) المباح ( المقدور عليه بغير ذكاة ) ، وقاله في " الوجيز " ، وغيره ، لقوله تعالى : إلا ما ذكيتم ] المائدة : 3 [ ، وقال ابن عقيل في البحري : أو عقر ، لأنه ممتنع كحيوان البر ( إلا الجراد وشبهه ) فإنه يباح بغير ذكاة ، لقوله أحل لنا ميتتان : الحوت ، والجراد . رواه أحمد ، وابن ماجه ، من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، وعبد الرحمن مختلف فيه ، ولأنه لا دم له ، ويباح بما فيه ( والسمك وسائر ما لا يعيش إلا في الماء فلا ذكاة له ) لا نعلم فيه خلافا للأخبار ، ولا فرق بين ما مات بسبب أو بغيره ، وأجمعوا على إباحة ما مات بسبب ، مثل أن صاده إنسان ، أو نبذه البحر ، أو جزر عنه ، واختلف في الطافي ، ونصوصه : لا بأس به ما لم يتقذره ، وعنه : [ ص: 214 ] لا يباح ، لحديث جابر : وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه . رواه أبو داود ، والدارقطني . وذكر أن الصواب أنه موقوف ، وفي " عيون المسائل " ، بعد أن ذكر عن الصديق وغيره حله ، قال : وما يروى خلاف ذلك فمحمول على التنزيه ، ولعل المراد عند قائله ، لقوله تعالى : أحل لكم صيد البحر وطعامه ] المائدة : 96 [ ، وهو : ما رمى به ، قال ابن عباس : ما مات فيه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في البحر : هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته ، وعن أبي شريح مرفوعا ، قال : إن الله ذبح ما في البحر لبني آدم . رواه الدارقطني ، وذكره البخاري عنه موقوفا ، وقال ابن عقيل : ما لا نفس له سائلة يجري مجرى ديدان الخل والباقلاء ، فيحل بموته ، ويحتمل أنه كالذباب ، وفيه روايتان ، فإن حرم لم ينجس ، وعنه : بلى ، وعنه : مع دم .

                                                                                                                          فرع : كره أحمد شي سمك حي لا جراد ، وقال ابن عقيل فيهما : يكره على الأصح ، ويحرم بلعه حيا ، ذكره ابن حزم إجماعا ، وفي " المغني " و " الشرح " : يكره ( وعنه في السرطان وسائر البحري أنه يحل بلا ذكاة ) لأن السرطان لا دم فيه ، قال أحمد : السرطان لا بأس به ، قيل له : يذبح ؛ قال : لا ، وذلك لأن مقصود الذبح إنما هو إخراج الدم ، وتطييب اللحم بإزالته عنه ، فأما ما لا دم له فلا حاجة إلى ذبحه ، ومقتضاه أن ما كان مأواه البحر ، وهو يعيش في البر ، كطير الماء ، والسلحفاة ، وكلب الماء ، فلا يحل إلا بذبحه ، وهذا هو الصحيح في المذهب ، وعنه : بلى ، وذهب إليه قوم للأخبار ، والأصح في السرطان أنه لا يحل إلا بالذكاة ( وعنه : في الجراد لا يؤكل إلا أن يموت [ ص: 215 ] بسبب ككبسه وتغريقه ) لأن ذلك بمنزلة الذبح له فوجب اعتباره فيه كالذبح في غيره ، والأول المذهب للخبر ، ولأن ما أبيحت ميتته لم يعتبر له سبب بدليل السمك .




                                                                                                                          الخدمات العلمية