الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (7) قوله : إذا مزقتم : " إذا " منصوب بمقدر أي : تبعثون وتجزون وقت تمزيقكم لدلالة إنكم لفي خلق جديد عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يجوز أن يكون العامل " ينبئكم " لأن التنبئة لم تقع ذلك الوقت . ولا " خلق جديد " لأن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها . ومن توسع في الظرف أجازه . هذا إذا جعلنا " إذا " ظرفا محضا . فإن جعلناه شرطا كان جوابها مقدرا أي : تبعثون ، وهو العامل في " إذا " عند جمهور النحاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز الزجاج والنحاس أن يكون معمولا لـ " مزقتم " . وجعله ابن عطية خطأ وإفسادا للمعنى . قال الشيخ : " وليس بخطأ ولا إفساد . وقد اختلف في العامل في " إذا " الشرطية ، وبينا في " شرح التسهيل " أن الصحيح أن العامل فيها فعل الشرط كأخواتها من أسماء الشرط " . قلت : لكن الجمهور على خلافه . ثم قال الشيخ : " والجملة الشرطية يحتمل أن تكون معمولة لـ " ينبئكم " لأنه في معنى : يقول لكم إذا مزقتم : تبعثون . ثم أكد ذلك بقوله : إنكم لفي خلق جديد . ويحتمل أن يكون إنكم لفي خلق معلقا لـ " ينبئكم " سادا مسد [ ص: 155 ] المفعولين ، ولولا اللام لفتحت " إن " وعلى هذا فجملة الشرط اعتراض . وقد منع قوم التعليق في " أعلم " وبابها ، والصحيح جوازه . قال :


                                                                                                                                                                                                                                      3717 - حذار فقد نبئت إنك للذي ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى



                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ زيد بن علي بإبدال الهمزة ياء . وعنه " ينبئكم " من أنبأ كأكرم .

                                                                                                                                                                                                                                      وممزق فيه وجهان ، أحدهما : أنه اسم مصدر ، وهو قياس كل ما زاد على الثلاثة أي : يجيء مصدره وزمانه ومكانه على زنة اسم مفعوله أي : كل تمزيق . والثاني : أنه ظرف مكان . قاله الزمخشري ، أي : كل مكان تمزيق من القبور وبطون الوحش والطير . ومن مجيء مفعل مجيء التفعيل قوله :


                                                                                                                                                                                                                                      3718 - ألم تعلم مسرحي القوافي     فلا عيا بهن ولا اجتلابا



                                                                                                                                                                                                                                      أي : تسريحي . والتمزيق : التخريق والتقطيع . يقال : ثوب ممزق وممزوق . ويقال : مزقه فهو مازق ومزق أيضا . قال : [ ص: 156 ]

                                                                                                                                                                                                                                      3719 - أتاني أنهم مزقون عرضي      ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الممزق العبدي - وبه سمي الممزق :


                                                                                                                                                                                                                                      3720 - فإن كنت مأكولا فكن خير آكل     وإلا فأدركني ولما أمزق



                                                                                                                                                                                                                                      أي : ولما أبل وأفن .

                                                                                                                                                                                                                                      و " جديد " عند البصريين بمعنى فاعل يقال : جد الشيء فهو جاد وجديد ، وعند الكوفيين بمعنى مفعول من جددته أي : قطعته .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية