الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          م ن : ( من ) اسم لمن يصلح أن يخاطب وهو مبهم غير متمكن . وهو في اللفظ واحد . ويكون في معنى الجماعة كقوله تعالى ومن الشياطين من يغوصون له ولها أربعة مواضع : الاستفهام نحو من عندك ؟ . والخبر نحو رأيت من عندك . والجزاء نحو من يكرمني أكرمه . وتكون نكرة نحو مررت بمن محسن ، أي بإنسان محسن . و ( من ) بالكسر حرف خافض وهو لابتداء الغاية كقولك : خرجت من بغداد إلى الكوفة . وقد تكون للتبعيض كقولك : هذا الدرهم من الدراهم . وقد تكون للبيان والتفسير كقولك : لله دره من رجل فتكون من مفسرة للاسم المكني في قولك دره وترجمة عنه . وقوله تعالى : وينزل من السماء من جبال فيها من برد فالأولى : لابتداء الغاية ، والثانية : للتبعيض والثالثة : للتفسير والبيان . وقد تدخل من توكيدا لغوا كقولك : ما جاءني من أحد وويحه من رجل أكدتهما بمن . وقوله تعالى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان أي فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان وكذلك ثوب من خز . وقال الأخفش في قوله تعالى : وترى الملائكة حافين من حول العرش وقوله تعالى : ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه : إنما أدخل من توكيدا كما تقول : رأيت زيدا نفسه . وتقول العرب : ما رأيته من سنة أي منذ سنة . قال الله تعالى : لمسجد أسس على التقوى من أول يوم وقال زهير :


                                                          لمن الديار بقنة الحجر أقوين من حجج ومن دهر

                                                          وقد تكون بمعنى على كقوله تعالى : ونصرناه من القوم أي على القوم . وقولهم : من ربي ما فعلت فمن حرف جر وضع موضع الباء هنا لأن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض إذا لم يلتبس المعنى . ومن العرب من يحذف نونه عند الألف واللام لالتقاء الساكنين فيقول : ملكذب أي من الكذب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية