[ ص: 5433 ] إشارة إلى بعض قصة
موسى - عليه السلام -
قال (تعالى):
nindex.php?page=treesubj&link=31907_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=7إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=8فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=9يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=12وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=13فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين
" إذ " ؛ ظرف دال على الزمان؛ وهو متعلق بـ " تلقى " ؛ في الآية السابقة؛ أي أنك تتلقى القرآن من حكيم عليم صادق في الوقت الذي جرت فيه أحداث قصة
موسى وفرعون؛ فهي قصة صادقة من لدن حكيم عليم؛ هو الله - سبحانه - الذي أحاط بكل شيء علما.
ونجد أن
nindex.php?page=treesubj&link=31907قصة موسى هنا في جملتها ليست مكررة مع غيرها؛ وقد فصلت جزءا لم يفصل في موضع آخر؛ فصل فيه بعض حياته مع أهله؛ وفصل فيه لقاءه
[ ص: 5434 ] بربه؛ والكلام الذي كان بينهما؛ وذكر ارتباطه بالرسالة؛ ودليلها؛ وهو العصا؛ وإخراج اليد من الجيب بيضاء من غير سوء؛ وكونها في تسع آيات قدمها
لفرعون؛ برهانا على الرسالة؛ وإذا كانت بعض الأمور ذكرت مكررة؛ كالعصا; فلأن المقام اقتضاها؛ وليست ثابتة بالقصد الأول؛ بل هي جاءت تابعة لإثبات الرسالة
لموسى نفسه؛ لا لإثباتها لغيره؛ وهو
فرعون وقومه؛ أي: لإثبات أن الذي يخاطبه من وراء الشجرة ربه؛ لا أحد غيره.
كان
موسى وأهله في ليلة ليلاء؛ قرور؛ شديد بردها؛ يلتمسون ما يستدفئون من نار؛ فنظر في الجو؛ فحسب أنه رأى نارا؛ فقال لأهله:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=7إني آنست نارا ؛ أي: رأيت نارا؛ قال وهو يتمناها؛ ويرعاها؛ كقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=7سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس ؛ أي: إني ذاهب إليها لعلي آتيكم منها بخبر نستفيد منه علم ما لم نكن نعلم؛ أو شهاب؛ والشهاب هو الشعلة المشتعلة من نجم أو نار أو نحوها؛ و " قبس " ؛ بدل؛ أو عطف بيان؛ والقبس هو القطعة من جذوة النار؛ أي: آتيكم بقطعة من النار شديدة الاشتعال فنلقيها حول أحطاب نستدفئ منها؛ وهذا معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=7لعلكم تصطلون ؛ أي: تستدفئون بها؛ فيقال: من " صلى " ؛ قلبت التاء طاء; لأنها من حروف الإطباق؛ أي: رجاء أن تستدفئوا؛ ومؤدى ذلك أنهم كانوا في برد شديد؛ وهكذا عاش من تربى في بيت
فرعون؛ فهو يذوق الحر والبرد في صحراء؛ في هذا الوقت؛ وفي هذه الشديدة؛ بعث
موسى - عليه السلام.
[ ص: 5433 ] إِشَارَةٌ إِلَى بَعْضِ قِصَّةِ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
قَالَ (تَعَالَى):
nindex.php?page=treesubj&link=31907_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=7إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=8فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=9يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إِلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=12وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=13فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ
" إِذْ " ؛ ظَرْفٌ دَالٌّ عَلَى الزَّمَانِ؛ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِـ " تُلَقَّى " ؛ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ؛ أَيْ أَنَّكَ تَتَلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ صَادِقٍ فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ فِيهِ أَحْدَاثُ قِصَّةِ
مُوسَى وَفِرْعَوْنَ؛ فَهِيَ قِصَّةٌ صَادِقَةٌ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ؛ هُوَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا.
وَنَجِدُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31907قِصَّةَ مُوسَى هُنَا فِي جُمْلَتِهَا لَيْسَتْ مُكَرَّرَةً مَعَ غَيْرِهَا؛ وَقَدْ فَصَّلَتْ جُزْءًا لَمْ يُفَصَّلْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ؛ فَصَّلَ فِيهِ بَعْضَ حَيَاتِهِ مَعَ أَهْلِهِ؛ وَفَصَّلَ فِيهِ لِقَاءَهُ
[ ص: 5434 ] بِرَبِّهِ؛ وَالْكَلَامَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا؛ وَذَكَرَ ارْتِبَاطَهُ بِالرِّسَالَةِ؛ وَدَلِيلِهَا؛ وَهُوَ الْعَصَا؛ وَإِخْرَاجُ الْيَدِ مِنَ الْجَيْبِ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءِ؛ وَكَوْنُهَا فِي تِسْعِ آيَاتٍ قَدَّمَهَا
لِفِرْعَوْنَ؛ بُرْهَانًا عَلَى الرِّسَالَةِ؛ وَإِذَا كَانَتْ بَعْضُ الْأُمُورِ ذُكِرَتْ مُكَرَّرَةً؛ كَالْعَصَا; فَلِأَنَّ الْمَقَامَ اقْتَضَاهَا؛ وَلَيْسَتْ ثَابِتَةً بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ؛ بَلْ هِيَ جَاءَتْ تَابِعَةً لِإِثْبَاتِ الرِّسَالَةِ
لِمُوسَى نَفْسِهِ؛ لَا لِإِثْبَاتِهَا لِغَيْرِهِ؛ وَهُوَ
فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ؛ أَيْ: لِإِثْبَاتِ أَنَّ الَّذِي يُخَاطِبُهُ مِنْ وَرَاءِ الشَّجَرَةِ رَبُّهُ؛ لَا أَحَدَ غَيْرُهُ.
كَانَ
مُوسَى وَأَهْلُهُ فِي لَيْلَةٍ لَيْلَاءَ؛ قَرُورٍ؛ شَدِيدٍ بَرْدُهَا؛ يَلْتَمِسُونَ مَا يَسْتَدْفِئُونَ مِنْ نَارٍ؛ فَنَظَرَ فِي الْجَوِّ؛ فَحَسِبَ أَنَّهُ رَأَى نَارًا؛ فَقَالَ لِأَهْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=7إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ؛ أَيْ: رَأَيْتُ نَارًا؛ قَالَ وَهُوَ يَتَمَنَّاهَا؛ وَيَرْعَاهَا؛ كَقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=7سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ ؛ أَيْ: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَيْهَا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ نَسْتَفِيدُ مِنْهُ عِلْمَ مَا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ؛ أَوْ شِهَابٍ؛ وَالشِّهَابُ هُوَ الشُّعْلَةُ الْمُشْتَعِلَةُ مِنْ نَجْمٍ أَوْ نَارٍ أَوْ نَحْوِهَا؛ وَ " قَبَسٍ " ؛ بَدَلٌ؛ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ؛ وَالْقَبَسُ هُوَ الْقِطْعَةُ مِنْ جَذْوَةِ النَّارِ؛ أَيْ: آتِيكُمْ بِقِطْعَةٍ مِنَ النَّارِ شَدِيدَةِ الِاشْتِعَالِ فَنُلْقِيهَا حَوْلَ أَحْطَابٍ نَسْتَدْفِئُ مِنْهَا؛ وَهَذَا مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=7لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ؛ أَيْ: تَسْتَدْفِئُونَ بِهَا؛ فَيُقَالُ: مِنْ " صَلَى " ؛ قُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً; لِأَنَّهَا مِنْ حُرُوفِ الْإِطْبَاقِ؛ أَيْ: رَجَاءَ أَنْ تَسْتَدْفِئُوا؛ وَمُؤَدَّى ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ؛ وَهَكَذَا عَاشَ مَنْ تَرَبَّى فِي بَيْتِ
فِرْعَوْنَ؛ فَهُوَ يَذُوقُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ فِي صَحْرَاءَ؛ فِي هَذَا الْوَقْتِ؛ وَفِي هَذِهِ الشَّدِيدَةِ؛ بُعِثَ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ.