الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (15) قوله : مسكنهم : قرأ حمزة وحفص " مسكنهم " بفتح الكاف مفردا ، والكسائي كذلك ، إلا أنه كسر الكاف ، والباقون " مساكنهم " جمعا . فأما الإفراد فلعدم اللبس ; لأن المراد الجمع ، كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      3735 - كلوا في بعض بطنكم تعفوا ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      والفتح هو القياس ; لأن الفعل متى ضمت عين مضارعه أو فتحت جاء المفعل منه زمانا ومكانا ومصدرا بالفتح ، والكسر مسموع على غير قياس . وقال [ ص: 170 ] أبو الحسن : " كسر الكاف لغة فاشية ، وهي لغة الناس اليوم ، والكسر لغة الحجاز " . وهي قليلة . وقال الفراء : " هي لغة يمانية فصيحة " . و " مسكنهم " يحتمل أن يراد به المكان ، وأن يراد به المصدر أي : السكنى . ورجح بعضهم الثاني قال : لأن المصدر يشمل الكل فليس فيه وضع مفرد موضع جمع بخلاف الأول ; فإن فيه وضع المفرد موضع الجمع كما قررته ، لكن سيبويه يأباه إلا ضرورة كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      3736 - ... ... ... ...     قد عض أعناقهم جلد الجواميس



                                                                                                                                                                                                                                      أي جلود . وأما الجمع فهو الظاهر ; لأن لكل واحد مسكنا . ورسم في المصاحف دون ألف بعد الكاف : فلذلك احتمل القراءات المذكورة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " جنتان " فيه ثلاثة أوجه : الرفع على البدل من " آية " وأبدل مثنى من مفرد ; لأن هذا المفرد يصدق على هذا المثنى . وتقدم في قوله : وجعلنا ابن مريم وأمه آية الثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر . وضعف ابن عطية الأول ولم يبينه . ولا يظهر ضعفه بل قوته ، وكأنه توهم أنهما مختلفان إفرادا وتثنية ; فلذلك ضعف البدل عنده . والله أعلم . الثالث : - وإليه نحا ابن عطية - أن يكون " جنتان " مبتدأ ، وخبره عن يمين وشمال . ورده [ ص: 171 ] الشيخ : بأنه ابتداء نكرة من غير مسوغ . واعتذر عنه : بأنه قد يعتقد حذف صفة أي : جنتان لهم ، أو جنتان عظيمتان [إن ] صح ما ذهب إليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن أبي عبلة " جنتين " بالياء نصبا على خبر كان ، واسمها " آية " . فإن قيل : اسم " كان " كالمبتدأ ، ولا مسوغ للابتداء به حتى يجعل اسم كان . والجواب أنه تخصص بالحال المقدمة عليه ، وهي صفته في الأصل . ألا ترى أنه لو تأخر " لسبأ " لكان صفة لـ " آية " في هذه القراءة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " عن يمين " إما صفة لـ " جنتان " أو خبر مبتدأ مضمر أي : هما عن يمين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " كلوا " على إضمار القول أي : قال الله أو الملك .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " بلدة " أي : بلدتكم بلدة ، وربكم رب غفور . وقرأ رويس بنصب " بلدة ورب " على المدح ، أو اسكنوا واعبدوا . وجعله أبو البقاء مفعولا به ، والعامل فيه " اشكروا " وفيه نظر ; إذ يصير التقدير : اشكروا لربكم ربا غفورا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية