الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4065 باب: القراءة على المريض بالمعوذات، والنفث

                                                                                                                              وقال النووي: (باب استحباب رقية المريض) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \النووي، ص181-182 ج14، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عائشة؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذا مرض أحد من أهله: نفث عليه بالمعوذات. فلما مرض مرضه الذي مات فيه؛ جعلت أنفث عليه، وأمسحه بيد نفسه. لأنها كانت: أعظم بركة من يدي ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة) رضي الله عنها؛ (قالت: كان رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ إذا مرض أحد من أهله: نفث عليه بالمعوذات) . بكسر الواو. أي: بسورة الفلق، وسورة الناس. وسورة [ ص: 284 ] الإخلاص. فيكون من باب التغليب. أو المراد: الفلق، والناس. أو كل ما ورد من التعويذ في القرآن. كقوله تعالى: وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين . فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم . وغير ذلك. والأول: أولى وأصح.

                                                                                                                              و"النفث": نفخ لطيف، بلا ريق.

                                                                                                                              وفيه: استحباب النفث في الرقية. قال النووي: وقد أجمعوا على جوازه. واستحبه الجمهور؛ من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم.

                                                                                                                              قال عياض: وأنكر جماعة: النفث والتفل؛ في الرقى. وأجازوا فيه: النفخ بلا ريق. وهذا المذهب، والفرق، إنما يجيء على قول ضعيف. قيل: إن النفث معه ريق. قال: وقد اختلف العلماء في النفث والتفل؛

                                                                                                                              فقيل: هما بمعنى، ولا يكونان إلا بريق. قال أبو عبيد: يشترط في التفل: ريق يسير. ولا يكون في النفث.

                                                                                                                              وقيل: عكسه. وسئلت عائشة عن نفث النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: في الرقية؟ فقالت: كما ينفث آكل الزبيب؛ لا ريق معه. قال: ولا اعتبار بما يخرج عليه من بلة، ولا يقصد ذلك. وقد جاء في حديث الذي رقى بفاتحة الكتاب: "فجعل يجمع بزاقه، ويتفل". والله أعلم.

                                                                                                                              [ ص: 285 ] قال ابن التين: الرقى بالمعوذات، وغيرها من أسماء الله تعالى: هو الطب الروحاني. إذا كان على لسان الأبرار من الخلق: حصل الشفاء بإذن الله. فلما عز هذا النوع؛ فزع الناس إلى الطب الجسماني. وقال ابن بطال: في المعوذات جوامع من الدعاء، تعم أكثر المكروهات؛ من السحر والحسد، وشر الشيطان ووسوسته، وغير ذلك. فلهذا كان النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: يكتفي بهما.

                                                                                                                              قال عياض: وفائدة التفل: التبرك بتلك الرطوبة والهواء، والنفس المباشرة للرقية، والذكر الحسن. لكن قال: كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى. وكان مالك: ينفث إذا رقى نفسه. وكان يكره الرقية بالحديدة، والملح، والذي يعقد، والذي يكتب: خاتم سليمان. والعقد عنده: أشد كراهة؛ لما في ذلك من مشابهة السحر. وفي هذا الحديث: استحباب الرقية بالقرآن، وبالأذكار. وإنما رقى بالمعوذات؛ لأنهن: جامعات للاستعاذة من كل المكروهات؛ جملة وتفصيلا. ففيها: الاستعاذة من شر ما خلق. فيدخل فيه: كل شيء. ومن شر النفاثات في العقد. ومن السواحر. ومن شر الحاسدين. ومن شر الوسواس الخناس.

                                                                                                                              (فلما مرض مرضه الذي مات فيه؛ جعلت أنفث عليه، وأمسحه بيد نفسه؛ لأنها كانت أعظم بركة من يدي) . وفي رواية أخرى: "فلما اشتد وجعه؛ كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده؛ رجاء بركتها".

                                                                                                                              فيه أن الموت إذا جاء؛ لا ينفع شيء مما كان ينفع قبل ذلك، [ ص: 286 ] في المرض وغيره.

                                                                                                                              وفيه: جواز مسح المريض، وإثبات البركة في أيدي الصالحين.




                                                                                                                              الخدمات العلمية