الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية وطء الحبالى من السبايا

                                                                                                          1564 حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري حدثنا أبو عاصم النبيل عن وهب بن خالد قال حدثتني أم حبيبة بنت عرباض بن سارية أن أباها أخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن توطأ السبايا حتى يضعن ما في بطونهن قال أبو عيسى وفي الباب عن رويفع بن ثابت وحديث عرباض حديث غريب والعمل على هذا عند أهل العلم وقال الأوزاعي إذا اشترى الرجل الجارية من السبي وهي حامل فقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال لا توطأ حامل حتى تضع قال الأوزاعي وأما الحرائر فقد مضت السنة فيهن بأن أمرن بالعدة حدثني بذلك علي بن خشرم قال حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي بهذا الحديث

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( وطء الحبالى ) الحبالى بفتح الحاء المهملة جمع الحبلى ، والسبايا جمع سبية .

                                                                                                          قوله : ( حدثتني أم حبيبة بنت عرباض بن سارية ) قال في التقريب مقبولة من الثالثة ( نهى أن توطأ السبايا حتى يضعن ما في بطونهن ) فيه دليل على أنه يحرم على الرجل أن يطأ الأمة المسبية إذا كانت حاملا حتى تضع حملها : وروى أبو داود وأحمد عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبي أوطاس : لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير حامل حتى تحيض حيضة ، وفيه دليل على أنه يحرم على الرجل أن يطأ الأمة المسبية إذا كانت حاملا حتى تستبرأ بحيضة . وقد ذهب إلى ذلك الشافعية والحنفية والثوري والنخعي ومالك ، وظاهر قوله ولا غير حامل أنه يجب الاستبراء للبكر ، ويؤيده القياس على العدة ، فإنها تجب مع العلم ببراءة الرحم . وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الاستبراء إنما يجب في حق من لم تعلم براءة رحمها ، وأما من علمت براءة رحمها فلا استبراء في حقها . وقد روى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه قال : إذا كانت الأمة عذراء لم يستبرئها إن شاء وهو في صحيح البخاري عنه ، ثم ذكر الشوكاني : مؤيدات لهذا القول ، ثم قال : ومن القائلين بأن الاستبراء إنما هو للعلم ببراءة الرحم فحيث تعلم البراءة لا يجب وحيث لا يعلم ولا يظن يجب : [ ص: 152 ] أبو العباس بن سريج وأبو العباس بن تيمية وابن القيم ، ورجحه جماعة من المتأخرين منهم الجلال والمقبلي والمغربي والأمير وهو الحق ; لأن العلة معقولة ، فإذا لم توجد مئنة كالحمل ولا مظنة كالمرأة المزوجة فلا وجه لإيجاب الاستبراء . والقول بأن الاستبراء تعبدي وأنه يجب في حق الصغيرة ، وكذا في حق البكر والآيسة ، ليس عليه دليل انتهى كلام الشوكاني .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن رويفع ) بالتصغير . وأخرج حديثه أحمد والترمذي وأبو داود عنه مرفوعا : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره ، وزاد أبو داود : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها ، وفي لفظ : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ينكحن ثيبا من السبايا حتى تحيض رواه أحمد .

                                                                                                          قوله : ( وحديث عرباض حديث غريب ) وأخرجه ابن أبي شيبة من حديث علي بلفظ : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تستبرئ بحيضة " ، وفي إسناده ضعف وانقطاع .

                                                                                                          قوله : ( قال حدثنا عيسى بن يونس ) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي سكن الشام ، روى عن الأوزاعي وخلق وعنه علي بن خشرم وخلق قال في حاشية الأحمدية ، وفي نسخة صحيحة علي بن يونس قلت : هذا غلط والصواب عيسى بن يونس .




                                                                                                          الخدمات العلمية