الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في طعام المشركين

                                                                                                          1565 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي عن شعبة أخبرني سماك بن حرب قال سمعت قبيصة بن هلب يحدث عن أبيه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن طعام النصارى فقال لا يتخلجن في صدرك طعام ضارعت فيه النصرانية قال أبو عيسى هذا حديث حسن سمعت محمودا وقال عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن سماك عن قبيصة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال محمود وقال وهب بن جرير عن شعبة عن سماك عن مري بن قطري عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله والعمل على هذا عند أهل العلم من الرخصة في طعام أهل الكتاب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( سمعت قبيصة بن هلب ) بضم الهاء وسكون اللام ( قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن طعام [ ص: 153 ] النصارى ) ، وفي رواية سأله رجل فقال إن من الطعام طعاما أتحرج منه ، كذا في المشكاة ( لا يتخلجن في صدرك طعام ) وفي رواية " شيء " مكان طعام ، ويتخلجن بالخاء المعجمة ، قال التوربشتي : يروى بالحاء المهملة وبالخاء المعجمة فمعناه بالمهملة لا يدخلن قلبك منه شيء فإنه مباح نظيف ، وبالمعجمة لا يتحركن الشك في قلبك انتهى . وقال في المجمع : أصل الاختلاج الحركة والاضطراب ( ضارعت فيه النصرانية ) أي شابهت لأجله أهل الملة النصرانية من حيث امتناعهم إذا وقع في قلب أحدهم أنه حرام أو مكروه ، وهذا في المعنى ، تعليل النهي . والمعنى لا تتحرج ، فإنك إن فعلت ذلك ضارعت فيه النصرانية فإنه من دأبالنصارى وترهيبهم . وقال الطيبي : هو جواب شرط محذوف ، والجملة الشرطية مستأنفة لبيان الموجب ، أي لا يدخلن في قلبك ضيق وحرج لأنك على الحنيفية السهلة السمحة ، فإنك إذا شددت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية ، فإن ذلك دأبهم وعادتهم ، قال تعالى : ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم الآية .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه أبو داود ( قال محمود ) هو ابن غيلان ( عن مري ) بضم الميم وتشديد الراء المكسورة ( بن قطري ) بفتح القاف والطاء . قال في التقريب : مري بلفظ النسب ابن قطري بفتحتين وكسر الراء مخففا الكوفي مقبول من الثالثة انتهى ، قلت : ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الذهبي : لا يعرف ، تفرد عنه سماك .

                                                                                                          قوله : ( والعمل على هذا عند أهل العلم من الرخصة في طعام أهل الكتاب ) قد ذكر الترمذي في الباب لفظ طعام المشركين وليس في الحديث ذكر المشركين فالظاهر أنه حمل المشركين على أهل الكتاب في هذا الباب والله تعالى أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية