الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (24) قوله : أو إياكم : عطف على اسم إن . وفي الخبر أوجه ، أحدها : أن الملفوظ به الأول وحذف خبر الثاني للدلالة عليه . أي : وإنا لعلى هدى أو في ضلال ، أو إنكم لعلى هدى أو في ضلال . والثاني : العكس أي : حذف الأول ، والملفوظ به خبر الثاني . وهو خلاف مشهور تقدم تحقيقه عند قوله : والله ورسوله أحق أن يرضوه . وهذان الوجهان لا ينبغي أن يحملا على ظاهرهما قطعا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشك أنه على هدى ويقين ، وأن الكفار على ضلال ، وإنما هذا الكلام جار على ما يتخاطب به العرب من استعمال الإنصاف في محاوراتهم على سبيل الفرض والتقدير ويسميه أهل البيان الاستدراج وهو : أن يذكر لمخاطبه أمرا يسلمه ، وإن كان بخلاف ما يذكر حتى يصغي إلى ما يلقيه إليه ، إذ لو بدأه بما يكره لم يصغ . ونظيره قولهم : أخزى الله الكاذب مني ومنك . ومثله قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      3739 - فأيي ما وأيك كان شرا فقيد إلى المقامة لا يراها



                                                                                                                                                                                                                                      وقول حسان :


                                                                                                                                                                                                                                      3740 - أتهجوه ولست له بكفء     فشركما لخيركما الفداء



                                                                                                                                                                                                                                      مع العلم لكل أحد أنه صلى الله عليه وسلم خير خلق الله كلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث : أنه من باب اللف والنشر . والتقدير : وإنا لعلى هدى وإنكم لفي ضلال مبين . ولكن لف الكلامين وأخرجهما كذلك لعدم اللبس ، وهذا لا يتأتى [ ص: 184 ] إلا أن تكون " أو " بمعنى الواو وهي مسألة خلاف . ومن مجيء " أو " بمعنى الواو قوله :


                                                                                                                                                                                                                                      3741 - قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم     ما بين ملجم مهره أو سافع



                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم تقرير هذا وهذا الذي ذكرته منقول عن أبي عبيدة . الرابع : قال الشيخ : " وأو هنا على موضوعها لكونها لأحد الشيئين وخبر " إنا أو إياكم " هو لعلى هدى أو في ضلال مبين ولا يحتاج إلى تقدير حذف ; إذ المعنى : أن أحدنا لفي أحد هذين كقولك : زيد أو عمرو في القصر أو في المسجد لا يحتاج إلى تقدير حذف إذ معناه : أحد هذين في أحد هذين . وقيل : الخبر محذوف ، ثم ذكر ما قدمت إلى آخره . وهذا الذي ذكره هو تفسير معنى لا تفسير إعراب ، والناس نظروا إلى تفسير الإعراب فاحتاجوا إلى ما ذكرت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية