الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      بيع كتابة المكاتب قلت : أرأيت لو أن مكاتبا كاتب عبده فباع السيد كتابة مكاتبه الأعلى لمن تكون كتابة الأسفل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : للمكاتب الأعلى ، قلت : فإن عجز المكاتب الأسفل ، قال : يكون رقيقا للمكاتب الأعلى فإن عجز المكاتب الأعلى كانا جميعا لمشتري الكتابة ; لأن الأسفل [ ص: 479 ] مال للمكاتب الأعلى ، وسيد المكاتب الأعلى حين باع كتابة مكاتبه لم يكن يقدر على أخذ مال المكاتب ; لأن المكاتب أملك لماله فيتبع المكاتب ماله حين باع السيد كتابته ، قلت : فإن عجز المكاتب الأعلى لمن يؤدي هذا المكاتب الأسفل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : للمشتري لا يرجع إلى المكاتب بعد أن يعجز ، فإن أدى العبد المكاتب الأسفل فعتق كان ولاؤه للسيد الأول الذي باع كتابة مكاتبه ; لأنه قد ثبت له قبل أن يبيع ، فلا يزول ذلك الولاء عنه حين عجز المكاتب الأعلى .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب ، عن محمد بن عمرو ، عن ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل باع كتابة عبده من رجل فعجز المكاتب فقال : هو عبد للذي ابتاعه ، وقاله عمرو بن دينار .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب ، عن ابن جريج ، عن محمد بن عبد الله بن طلحة أن أباه ابتاع مكاتبا لرجل من بني سليم فخاصم أخو المكاتب إلى عمر بن عبد العزيز فقضى عمر للمكاتب بنفسه بما أخذه به طلحة .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب .

                                                                                                                                                                                      قال ابن جريج : وكان عطاء يقول ذلك ، ويقول : الذي عليه الدين أولى به بالثمن .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب ، عن مخرمة بن بكير ، عن أبيه قال : سمعت عبد الرحمن وابن قسيط واستفتيا في رجل كان له مكاتبا فقال له رجل : أبتاع منك ما على مكاتبك هذا بعرض مائتي دينار فقالا : لا يصلح هذا إذا ذكر فيه ذهبا أو ورقا ، ولكن يأخذه بعرض ولا يسمى فليس بذلك بأس إن هو فعل ولم يسم .

                                                                                                                                                                                      ابن نافع ، عن ابن أبي ذئب ، عن أبي الزناد ، عن ابن المسيب أنه كان يقول : إذا بيعت كتابة المكاتب فهو أولى بها بالثمن الذي بيعت به .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب ، وقال مالك : أحسن ما سمعت في الرجل يشتري كتابة مكاتب الرجل أنه لا يبيعه إذا كاتبه بدنانير أو بدراهم إلا بعرض من العروض يعجله إياه ولا يؤخره ; لأنه إذا أخره كان دينا بدين ، وقد نهي عن الكالئ بالكالئ ، قال : فإن كاتب المكاتب سيده بعرض من العروض من الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق أو ما أشبه ذلك فإنه يصلح للمشتري أن يشتريه بذهب أو فضة أو عرض مخالف للعرض الذي كاتبه عليه سيده يعجل له ذلك ولا يؤخره .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية