وقال الهدهد الخبير الصادق الأمين:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_30554_34106_34111_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون nindex.php?page=treesubj&link=1886_1900_28662_31970_34091_34189_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون nindex.php?page=treesubj&link=28639_28657_28662_34189_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ؛ كان في هذا العصر أقوام عظموا الشمس لما فيها من دفء؛ ومن أشعة تحيي زرعهم؛ ولذلك شاعت عبادة الشمس في أهل
مصر؛ لأنهم أهل زرع؛ وفي
سبإ; لأنهم أيضا أهل زرع؛ وأهل حدائق غلب؛ فشاعت فيهم عبادة الشمس ضلالا
[ ص: 5448 ] لعقولهم؛ وفسادا لتفكيرهم؛ واستجابة لدعاة السوء بينهم؛ وفعلوا هذه العبادة من دون الله؛ أي أنهم عبدوها دون أن يعبدوا خالقها الذي خلقها؛ وخلق كل ما يكون؛ مما جعلها الله (تعالى) سببا لنمائه؛ وهو وحده الخلاق العليم.
وذلك لاستيلاء الشيطان على قلوبهم؛ ولذا قال - عز من قائل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ؛ إنه من الحقائق النفسية الثابتة أن أول الشر استحسانه؛ فالشيطان يزين أعمال السوء للفاعل؛ ويحسنها له؛ ويظن أنها الخير وحدها؛ وأن ما عداها باطل؛ وفرق بين المهتدي؛ وغير المهتدي؛ أن من هداه الله يميز الخبيث من الطيب؛ فلا يتردى في باطل؛ وإن تردى فيه سرعان ما يعود إلى الحق؛ ولا يقبل وسوسة الشيطان بالشر؛ وليس قلبه موضعا لتزيينه؛ ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24فصدهم عن السبيل ؛ أي أنهم بسبب تزيين الشيطان لهم قد مكنوه من أنفسهم؛ فصدهم عن السبيل؛ أي: لعلهم يعرضون عن الطريق المستقيم في ابتدائه؛ ومن ضل في أول الطريق سار في ضلال إلى آخره؛ ولذا قال - مرتبا على ذلك -:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24فهم لا يهتدون ؛ أي: فهم يسيرون في ضلال غير مهتدين إلى الحق إلى النهاية؛ حتى يكون الحساب والعقاب:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ؛ " ؛ يصح أن نقول: إن قوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25ألا يسجدوا لله ؛ [فيه] حرف جر محذوف؛ وحذفه كثير قبل " أن " ؛ وما بعدها؛ والمعنى: كان ذلك التزيين والصد وعدم الاهتداء في ذاته لئلا يهتدوا إلى عبادة الخالق الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض.
ويصح أن نقول: إنه متعلق بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=48زين لهم الشيطان أعمالهم ؛ أي أنه حسن ذلك في قلوبهم؛ ليصرفهم عن السبيل؛ ويكون التركيب هكذا: " زين لهم ألا يهتدوا إلى عبادة الله (تعالى) الذي يخرج الخبء... " ؛ إلى آخره.
[ ص: 5449 ] و " الخبء " : ما ستره الله (تعالى) حتى يخرجه للناس؛ فخبء السماوات مطرها؛ حتى يحين حينه؛ ويدرك إبانه؛ وكل شيء عند ربك بمقدار؛
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=9عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال
وصف الله (تعالى) المعبود بحق بثلاث صفات؛ هي أعلى الصفات لواجب الوجود؛ وكل صفاته عليا؛ الصفة الأولى: أنه هو الذي يخرج خبء السماوات بالمطر الذي ينبت الزرع والنخيل والأعناب؛ ويخرج به خبء الأرض؛ بفلق الحب والنوى؛ وإخراج المتراكب الذي يكون به غذاء الأحياء؛ الصفة الثانية: أنه يعلم ما يسر وما يعلن الإنسان؛ فهو عليم بحاله في حركاته وسكناته؛ وما يفعل من خير وشر؛ ومجازيه على كل ما يفعل؛ إن خيرا فخير؛ وإن شرا فشر؛ وفيها تبشير بالجزاء؛ وإنذار بالعقاب؛ الصفة الثالثة: أنه لا إله إلا هو؛ فهو وحده المتصف بصفات الكمال التي توجب عبادته؛ وهو صاحب السلطان؛ رب العرش العظيم؛ صاحب السلطان الكامل في هذا الوجود.
وَقَالَ الْهُدْهُدَ الْخَبِيرُ الصَّادِقُ الْأَمِينُ:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_30554_34106_34111_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ nindex.php?page=treesubj&link=1886_1900_28662_31970_34091_34189_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28639_28657_28662_34189_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ؛ كَانَ فِي هَذَا الْعَصْرِ أَقْوَامٌ عَظَّمُوا الشَّمْسَ لِمَا فِيهَا مِنْ دِفْءٍ؛ وَمِنْ أَشِعَّةٍ تُحْيِي زَرْعَهُمْ؛ وَلِذَلِكَ شَاعَتْ عِبَادَةُ الشَّمْسِ فِي أَهْلِ
مِصْرَ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ زَرْعٍ؛ وَفِي
سَبَإٍ; لِأَنَّهُمْ أَيْضًا أَهْلُ زَرْعٍ؛ وَأَهْلُ حَدَائِقَ غُلْبٍ؛ فَشَاعَتْ فِيهِمْ عِبَادَةٌ الشَّمْسِ ضَلَالًا
[ ص: 5448 ] لِعُقُولِهِمْ؛ وَفَسَادًا لِتَفْكِيرِهِمْ؛ وَاسْتِجَابَةً لِدُعَاةِ السُّوءِ بَيْنَهُمْ؛ وَفَعَلُوا هَذِهِ الْعِبَادَةَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ أَيْ أَنَّهُمْ عَبَدُوهَا دُونَ أَنْ يَعْبُدُوا خَالِقَهَا الَّذِي خَلَقَهَا؛ وَخَلَقَ كُلَّ مَا يَكُونُ؛ مِمَّا جَعَلَهَا اللَّهُ (تَعَالَى) سَبَبًا لِنَمَائِهِ؛ وَهُوَ وَحْدَهُ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ.
وَذَلِكَ لِاسْتِيلَاءِ الشَّيْطَانِ عَلَى قُلُوبِهِمْ؛ وَلِذَا قَالَ - عَزَّ مِنْ قَائِلٍ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ ؛ إِنَّهُ مِنَ الْحَقَائِقِ النَّفْسِيَّةِ الثَّابِتَةِ أَنَّ أَوَّلَ الشَّرِّ اسْتِحْسَانُهُ؛ فَالشَّيْطَانُ يُزَيِّنُ أَعْمَالَ السُّوءِ لِلْفَاعِلِ؛ وَيُحَسِّنُهَا لَهُ؛ وَيَظُنُّ أَنَّهَا الْخَيْرُ وَحْدَهَا؛ وَأَنَّ مَا عَدَاهَا بَاطِلٌ؛ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْمُهْتَدِي؛ وَغَيْرِ الْمُهْتَدِي؛ أَنَّ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ يُمَيِّزُ الْخَبِيثَ مِنَ الطِّيبِ؛ فَلَا يَتَرَدَّى فِي بَاطِلٍ؛ وَإِنْ تَرَدَّى فِيهِ سُرْعَانَ مَا يَعُودُ إِلَى الْحَقِّ؛ وَلَا يَقْبَلُ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ بِالشَّرِّ؛ وَلَيْسَ قَلْبُهُ مَوْضِعًا لِتَزْيِينِهِ؛ ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ؛ أَيْ أَنَّهُمْ بِسَبَبِ تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ لَهُمْ قَدْ مَكَّنُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؛ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ؛ أَيْ: لَعَلَّهُمْ يُعْرِضُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ فِي ابْتِدَائِهِ؛ وَمَنْ ضَلَّ فِي أَوَّلِ الطَّرِيقِ سَارَ فِي ضَلَالٍ إِلَى آخِرِهِ؛ وَلِذَا قَالَ - مُرَتِّبًا عَلَى ذَلِكَ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ ؛ أَيْ: فَهُمْ يَسِيرُونَ فِي ضَلَالٍ غَيْرَ مُهْتَدِينَ إِلَى الْحَقِّ إِلَى النِّهَايَةِ؛ حَتَّى يَكُونَ الْحِسَابُ وَالْعِقَابُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ؛ " ؛ يَصِحُّ أَنْ نَقُولَ: إِنَّ قَوْلَهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ ؛ [فِيهِ] حَرْفُ جَرٍّ مَحْذُوفٌ؛ وَحَذْفُهُ كَثِيرٌ قَبْلَ " أَنْ " ؛ وَمَا بَعْدَهَا؛ وَالْمَعْنَى: كَانَ ذَلِكَ التَّزْيِينُ وَالصَّدُّ وَعَدَمُ الِاهْتِدَاءِ فِي ذَاتِهِ لِئَلَّا يَهْتَدُوا إِلَى عِبَادَةِ الْخَالِقِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
وَيَصِحُّ أَنْ نَقُولَ: إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=48زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ؛ أَيْ أَنَّهُ حَسَّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ؛ لِيَصْرِفَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ؛ وَيَكُونَ التَّرْكِيبُ هَكَذَا: " زَيَّنَ لَهُمْ أَلَّا يَهْتَدُوا إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ (تَعَالَى) الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ... " ؛ إِلَى آخِرِهِ.
[ ص: 5449 ] وَ " اَلْخَبْءُ " : مَا سَتَرَهُ اللَّهُ (تَعَالَى) حَتَّى يُخْرِجَهُ لِلنَّاسِ؛ فَخَبْءُ السَّمَاوَاتِ مَطَرُهَا؛ حَتَّى يَحِينَ حِينُهُ؛ وَيُدْرَكَ إِبَّانُهُ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَ رَبِّكَ بِمِقْدَارٍ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=9عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ
وَصَفَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْمَعْبُودَ بِحَقٍّ بِثَلَاثِ صِفَاتٍ؛ هِيَ أَعْلَى الصِّفَاتِ لِوَاجِبِ الْوُجُودِ؛ وَكُلُّ صِفَاتِهِ عُلْيَا؛ الصِّفَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخْرِجُ خَبْءَ السَّمَاوَاتِ بِالْمَطَرِ الَّذِي يُنْبِتُ الزَّرْعَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ؛ وَيُخْرِجُ بِهِ خَبْءَ الْأَرْضِ؛ بِفَلْقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى؛ وَإِخْرَاجِ الْمُتَرَاكِبِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ غِذَاءُ الْأَحْيَاءِ؛ الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّ وَمَا يُعْلِنُ الْإِنْسَانُ؛ فَهُوَ عَلِيمٌ بِحَالِهِ فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ؛ وَمَا يَفْعَلُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ؛ وَمُجَازِيهِ عَلَى كُلِّ مَا يَفْعَلُ؛ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ؛ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ؛ وَفِيهَا تَبْشِيرٌ بِالْجَزَاءِ؛ وَإِنْذَارٌ بِالْعِقَابِ؛ الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ؛ فَهُوَ وَحْدَهُ الْمُتَّصِفُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي تُوجِبُ عِبَادَتَهُ؛ وَهُوَ صَاحِبُ السُّلْطَانِ؛ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ؛ صَاحِبُ السُّلْطَانِ الْكَامِلِ فِي هَذَا الْوُجُودِ.