الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : الدرجة الثالثة : تسليم ما دون الحق إلى الحق ، مع السلامة من رؤية التسليم ، بمعاينة تسليم الحق إياك إليه .

هذه الدرجة تكملة الدرجة التي قبلها . فإن التسليم في التي قبلها بداية لها . وهي واسطة بين الدرجة الأولى والثالثة . فالأولى : بداية ، والثانية : وسط والثالثة : نهاية .

قوله : تسليم ما دون الحق إلى الحق . يريد به : اضمحلال رسوم الخلق في شهود الحقيقة . وكل ما دون الحق رسوم . فإذا سلم رسمه الخاص إلى ربه : حصل له حقيقة الفناء . وهذا التسليم نوعان .

أحدهما : تسليم رسمه الخاص به .

والثاني : تسليم رسوم الكائنات ، ورؤية تلاشيها واضمحلالها في عين الحقيقة . وهذا علم ومعرفة . والأول حال .

قوله : والسلامة من رؤية التسليم ؛ أي ينسلب أيضا من رسم رؤية التسليم ، فإن الرؤية أيضا رسم من جملة الرسوم . فما دام مستصحبا لها : لم يسلم التسليم التام . وقد بقيت عليه بقية من منازعات رسمه .

ثم عرف كيفية هذا التسليم ، فقال : بمعاينة تسليم الحق إياك إليه ؛ أي ينكشف [ ص: 151 ] لك - حين تسلم ما دون الحق إلى الحق - أن الحق تعالى هو الذي سلم إلى نفسه ما دونه . فالحق تعالى هو الذي سلمك إليه . فهو المسلم وهو المسلم إليه . وأنت آلة التسليم . فمن شهد هذا المشهد : وجد ذاته مسلمة إلى الحق . وما سلمها إلى الحق غير الحق ، فقد سلم العبد من دعوى التسليم . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية