الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة فأنواع بعضها يرجع إلى صاحب الأرض ، وبعضها يرجع إلى المزارع .

                                                                                                                                ( أما ) الأول الذي يرجع إلى صاحب الأرض فهو الدين الفادح الذي لا قضاء له إلا من ثمن هذه الأرض تباع في الدين ، ويفسخ العقد بهذا العذر إذا أمكن الفسخ بأن كان قبل الزراعة أو بعدها إذا أدرك الزرع ، وبلغ مبلغ الحصاد ; لأنه لا يمكنه المضي في العقد إلا بضرر يلحقه فلا يلزمه تحمل الضرر فيبيع القاضي الأرض بدينه أولا ثم يفسخ المزارعة ولا تنفسخ بنفس العذر ، وإن لم يمكن الفسخ بأن كان الزرع لم يدرك ولم يبلغ مبلغ الحصاد لا يباع في الدين ولا يفسخ إلى أن يدرك الزرع ; لأن في البيع إبطال حق العامل ، وفي الانتظار إلى وقت الإدراك تأخير حق صاحب الدين [ ص: 184 ] وفيه رعاية الجانبين - فكان أولى ويطلق من الحبس إن كان محبوسا إلى غاية الإدراك ; لأن الحبس جزاء الظلم وهو المطل وإنه غير مماطل قبل الإدراك ; لكونه ممنوعا عن بيع الأرض شرعا ، والممنوع معذور فإذا أدرك الزرع يرد إلى الحبس ثانيا ; ليبيع أرضه ويؤدي دينه بنفسه ، وإلا فيبيع القاضي عليه .

                                                                                                                                ( وأما ) الثاني الذي يرجع إلى المزارع فنحو المرض - لأنه معجز عن العمل - ، والسفر - لأنه يحتاج إليه - ، وترك حرفة إلى حرفة - لأن من الحرف ما لا يغني من جوع فيحتاج إلى الانتقال إلى غيره - ، ومانع يمنعه من العمل على ما عرف في كتاب الإجارة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية