الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود [13]

                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ أبو عبد الرحمن والنخعي (صعقة مثل صعقة) ولم تأتهم الصاعقة؛ لأنهم لم يعرضوا كلهم وأعرضوا للكل ، وكل من خوطب بهذا أسلم إلا من قتل منهم . وقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عتبة بن الوليد كما قرئ على أحمد بن الحجاج عن يحيى بن سليمان قال : حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا الأجلح بن عبد الله عن الذيال بن حرملة عن جابر بن عبد الله قال : قال أبو جهل يوما ، والملأ من قريش : إنه قد التبس علينا أمر محمد فلو التمستم رجلا عالما بالسحر والكهانة والشعر فأتاه فكلمه ثم أتانا ببيان من أمره فقال عتبة بن ربيعة : والله لقد سمعت السحر والكهانة والشعر وعلمت من ذلك علما وما يخفى علي إن كان كذلك فأتاه عتبة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، فقال له عتبة : يا محمد أأنت خير أم هاشم؟ أأنت خير أم عبد المطلب؟ أأنت خير أم عبد الله ؟ لم يأتوا بمثل ما أتيت به فبم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا؟ فإن كنت إنما بك الرئاسة عقدنا لك اللواء بيننا بالرئاسة فكنت ما بقيت ، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختارهن من أي بنات قريش شئت ، وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم فلما فرغ عتبة من كلامه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بسم الله الرحمن الرحيم حم تنـزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 53 ] ثم قرأ إلى قوله فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فأمسك عتبة على فيه وناشده الرحم أن يكف ثم رجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش فاحتبس عنهم فقال أبو جهل : يا معشر قريش والله ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه وما ذاك إلا من حاجة أصابته فانطلقوا بنا إليه فأتوا عتبة فخرج إليهم فقال له أبو جهل والله يا عتبة ما نظنك إلا قد صبأت إلى محمد وأعجبك أمره ، وما نرى ذلك إلا من حاجة أصابتك فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد ، فغضب عتبة وأقسم ألا يكلم محمدا أبدا ، وقال لهم : لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ولكني أتيته فقص عليهم ما قال له ، وما قال لرسول الله ، ثم قال : جاءني والله بشيء ما هو بسحر ولا كهانة قرأ علي بسم الله الرحمن الرحيم حم تنـزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا إلى قوله : فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فأمسكت على فيه ، وناشدته الرحم أن يكف ، وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب فناشدته الرحم أن يكف
                                                                                                                                                                                                                                        . قال الضحاك : صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود أي عذابا ، وقال محمد بن يزيد : الصاعقة معناها في كلام العرب المبيدة المهلكة المخمدة فربما استعملت للإخماد من غير إهلاك ومنه سمي الصعق بن حرب لأنه ضرب ضربة فخمد ثم أفاق .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية