الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويستحب لمن غسل ميتا أن يغتسل ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { من غسل ميتا فليغتسل } " ولا يجب ذلك ، وقال في البويطي : إن صح الحديث قلت : بوجوبه ، والأول أصح لأن الميت طاهر ، ومن غسل طاهرا لم يلزمه بغسله طهارة كالجنب ، وهل هو آكد أو غسل الجمعة ؟ فيه قولان : ، قال في القديم : غسل الجمعة آكد ; لأن الأخبار فيه أصح ، وقال في الجديد : الغسل من غسل الميت آكد ، وهو الأصح ; لأن غسل الجمعة غير واجب والغسل من غسل الميت متردد بين الوجوب وغيره ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا رواه أبو داود وغيره ، وبسط البيهقي رحمه الله القول في ذكر طرقه ، وقال : الصحيح أنه موقوف على أبي هريرة ، قال : وقال الترمذي عن البخاري قال : إن أحمد بن حنبل وعلي بن المديني قالا : لا يصح في الباب شيء ، وكذا قال محمد بن يحيى [ ص: 144 ] الذهلي شيخ البخاري لا أعلم فيه حديثا ثابتا ، ورواه البيهقي أيضا من رواية حذيفة مرفوعا ، قال : وإسناده ساقط ، ( وأما ) حديث علي رضي الله عنه { أنه غسل أباه أبا طالب فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل } فرواه البيهقي من طرق ، وقال : هو حديث باطل وأسانيده كلها ضعيفة وبعضها منكر ، وفي حديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يغتسل من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة وغسل الميت } رواه أبو داود وغيره بإسناد ضعيف .

                                      وهكذا الحديث في الوضوء من حمل الميت ضعيف .

                                      وقد روى أبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { من غسل ميتا فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ } قال الترمذي حديث حسن ، وقد ينكر عليه قوله : إنه حسن ، بل هو ضعيف قد بين البيهقي وغيره ضعفه ، قال البيهقي رحمه الله : الروايات المرفوعة في هذا عن أبي هريرة غير قوية بعضها لجهالة بعض رواتها وضعف بعضهم قال : والصحيح عن أبي هريرة من قوله موقوفا غير مرفوع وضعف المرفوع به أيضا مع من قدمنا أيضا الشافعي رحمه الله ، والله أعلم وقال المزني : هذا الغسل ليس بمشروع ، وكذا الوضوء من مس الميت وحمله ; لأنه لم يصح فيهما شيء ، قال في المختصر : وقد أجمعوا على أن من مس حريرا أو ميتة ليس عليه وضوء ولا غسل فالمؤمن أولى ، هذا كلام المزني ، وهو قوي والله أعلم . قال أصحابنا : في الغسل من غسل الميت طريقان : ( المذهب ) : الصحيح الذي اختاره المصنف والجمهور أنه سنة سواء صح فيه حديث أم لا ، فلو صح حديث حمل على الاستحباب ( والثاني ) : فيه قولان : الجديد أنه سنة ، والقديم أنه واجب إن صح الحديث وإلا فسنة . قال الخطابي رحمه الله : لا أعلم أحدا أوجب الغسل من غسل الميت ، قال : ويشبه أن يكون الحديث . للاستحباب ، قال ابن المنذر في الإشراف رحمه الله : قال ابن عمر [ ص: 145 ] وابن عباس والحسن البصري والنخعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي : لا غسل عليه ، وعن علي وأبي هريرة وابن المسيب وابن سيرين والزهري : يغتسل وعن النخعي وأحمد وإسحاق : يتوضأ ، قال ابن المنذر : لا شيء عليه ، ليس فيه حديث يثبت ، قال أصحابنا رحمهم الله : وغسل الجمعة والغسل من غسل الميت آكد من غيرهما من الأغسال المسنونة . وأيهما آكد ؟ فيه القولان اللذان ذكرهما المصنف ( أصحهما ) : عنده أن الغسل من غسل الميت آكد ( الثاني ) : وهو المختار أن غسل الجمعة آكد . وقد سبق بيان هذا في باب صفة غسل الجنابة . وسبق بيان فائدة هذا الخلاف والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية