الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (24) قوله تعالى : ذلك بأنهم : يجوز في "ذلك " وجهان ، أصحهما : أنه مبتدأ والجار بعده خبره ، أي : ذلك التولي بسبب هذه الأقوال الباطلة التي لا حقيقة لها . والثاني : أن "ذلك " خبر مبتدأ محذوف أي : الأمر ذلك ، وهو قول الزجاج . وعلى هذا فقوله : "بأنهم " متعلق بذلك المقدر ، وهو الأمر ونحوه . وقال أبو البقاء : "فعلى هذا يكون قوله : " بأنهم "في موضع نصب على الحال مما في " ذا "من معنى الإشارة أي : ذلك الأمر مستحقا بقولهم " ، ثم قال : "وهذا ضعيف " . قلت : بل لا يجوز البتة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 96 ] وجاء هنا "معدودات " بصيغة الجمع ، وفي البقرة : معدودة تفننا في البلاغة ، وذلك أن جمع التكسير غير العاقل يجوز أن يعامل معاملة الواحدة المؤنثة تارة ومعاملة جمع الإناث أخرى ، فيقال : "هذه جبال راسية " وإن شئت : "راسيات " ، و "جمال ماشية " وإن شئت : "ماشيات " . وخص الجمع بهذا الموضع لأنه مكان تشنيع عليهم بما فعلوا وقالوا ، فأتى بلفظ الجمع مبالغة في زجرهم وزجر من يعمل بعملهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وغرهم في دينهم الغرور : الخداع ، يقال منه : غره يغره غرورا فهو غار ومغرور ، والغرور بالفتح - مثال مبالغة ، كالضروب ، والغر : الصغير ، والغريرة : الصغيرة لأنهما ينخدعان والغرة مأخوذة من هذا . يقال : "أخذه على غرة " أي : تغفل وخداع ، والغرة : بياض في الوجه ، يقال منه : وجه أغر ورجل [أغر ] وامرأة "غراء " ، والجمع القياسي : غر ، وغير القياسي : غران . قال :


                                                                                                                                                                                                                                      1211 - ثياب بني عوف طهارى نقية وأوجههم عند المشاهد غران



                                                                                                                                                                                                                                      والغرة من كل شيء : أنفسه ، وفي الحديث : "وجعل في الجنين غرة عبدا أو أمة " وقيل : "الغرة " الخيار . وقال أبو عمرو بن العلاء في تفسير هذا الحديث : "إنه لا يكون إلا الأبيض من الرقيق " كأنه أخذه من الغرة وهي البياض في الوجه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ما كانوا يفترون "ما " يجوز أن تكون مصدرية أو بمعنى الذي ، والعائد محذوف أي : الذي كانوا يفترونه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية